الثلاثاء، 20 سبتمبر 2011

دراســـــــــة عن الأحـــــزاب السيـاسيــــة وقضـــايـا المجتمـــــع ( رؤية تاريخية سوسيولوجية ) الفصـــــــــــــــــل الثاني

دراســـــــــة عن
الأحـــــزاب السيـاسيــــة وقضـــايـا المجتمـــــع
( رؤية تاريخية سوسيولوجية )
الفصـــــــــــــــــل الثاني
المبحث الثانى
( نحو رؤية سوسيولوجية تاريخية للأحزاب السياسية فى مصر )
           (1) الظروف الاجتماعية والسياسية الممهدة لنشأة الأحزاب فى مصر[1] 
أكد " جابريل ألموند " على أن الأحزاب السياسية إنما تتأثر بالثقافة التى تعمل من خلالها كما ذهبت " آمال رأى " انه لا يمكن فهم النظام السياسى دون معرفة الظروف الاجتماعية التى يعمل فى إطارها وانطلاقا من هذه الحقيقة يمكن القول بان ظروف المجتمع المصرى منذ نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين وما تعرض له من تغيرات فكرية واجتماعية وسياسية كان لها أوضح الأثر فى نشأة الأحزاب المصرية وذلك بالرغم من أن الحركة السياسية فى مصر تلك الفترة قد تأثرت أساسا فى سيرها بشخصيات فى بدايتها إلا أن هذه الشخصيات إنما هى فى النهاية نتاج للتطورات اجتماعية وفكرية معينه تعبر عنها .
وهذا ما ذهبت إلية " دافيد بتلر " من انه لا يمكن فهم السلوك السياسى دون الرجوع إلى الشخصية والخبرة وكذلك البناء الإجتماعى ولعل هذا ما يدعوا إلى رصد التغيرات الاجتماعية والفكرية التى طرأت على المجتمع المصرى خلال تلك الفترة التى سبقت قيام الأحزاب السياسية وأدت فى النهاية إلى قيام العديد من الأحزاب السياسية على النحو الذى شاهدته مصر فى الفترة التى عقبت 1907م والذى يعتبره كثير من الباحثين عام النشأة الحديثة للأحزاب السياسية فى المجتمع المصرى كالتالى :ـ
1)  ما يتصل بالتغيرات الاجتماعية :ـ فقد طرأت تغيرات على الطبقتين اللتين كانتا تقتصر عليهما الاشتغال بالسياسة والعمل الحزبى هما الأعيان أو كبار ومتوسطو ملاك الأراضي الزراعية من ناحية والأفندية أو المثقفين أو طبقة الانتلجنسيا المصرية من ناحية أخرى :ـ
أ‌-  بالنسبة للأعيان : تغطت الطبقة التركية التى كانت تسيطر على الملكية الكثيرة فى مصر وغلبت الدماء المصرية نتيجة انقطاع  استمرار القدوم التركى لمصر وتصاهر العناصر التركية مع المصريين واستعانة الولاة وخاصة الخديوى سعيد بغير المصريين فى الوظائف الكبرى .
ب‌- أما المثقفين : فمنهم طبقة بدأت تنموا فى مصر نموا سريعا وبالتالى بدا ينمو مع هذه الطبقة رفض الواقع الاحتلالى الذى حرمهم من الوظائف الكبرى فى بلادهم ويرجع البعض هذا النمو إلى النهضة التعليمية الذى قام بها الخديوى إسماعيل .
2)     ما يتصل بالتغيرات الفكرية :  هناك طيران فكريان فى تلك الفترة من عام 1882م إلى 1914م وهما:
أ‌-  التيار الفكري السلفى الداعى إلى الإصلاح عن طريق اتباع خطى السلف الصالح الذى تزعمه الشيخ " محمد عبده " وتزعمه بعد وفاته الشيخ " رشيد رضا " الذى ظل يبعث تعاليم أساتذته من خلال المجلة الإسلامية الشهيرة المنار .
ب‌- التيار الفكرى الوطنى الليبرالي : الداعى إلى الآخذ بمفاهيم العصر واقتباس أسباب التفوق الأوربي وتزعمه نخبة من أولئك الشباب الذين تلقوا دروسهم فى سلك تعليمى علمانى فى إنجلترا وفرنسا وكان أبرزهم مصطفى كامل واحمد لطفى السيد كما لعبت الصحافة المصرية دورا هاما فى مجال تشكيل الفكر المصرى فى بداية القرن العشرين كما بدأت فى نفس الوقت حركة ترجمه لأمهات المؤلفات الأوروبية على نطاق واسع .
*************************
           (2) الحياة الحزبية قبل ثورة 23 يوليو ( تجربة التعددية الحزبية فى الفترة 1866،1954 )[2]
** ولقد شهدت مصر الحديثة ألوانا مختلفة من الحياة الحزبية عكست تطور المجتمع المصرى بصفة عامه والتحولات التى شهدتها بنيت المجتمع السياسية والاقتصادية والاجتماعية خلال حقبات تاريخية مختلفة بصفة خاصة ومعنى ذلك أن دراسة الحياة الحزبية فى مصر الحديثة لا تنفصل عن دراسة بناء المجتمع ونظمه فالأحزاب السياسية أو غيرها من الظاهرات السياسية لا تدرس فى فراغ ولا تفهم الفهم الصحيح إلا فى ضوء بناء المجتمع وتكويناته المختلفة أساسا .   وفيما يلى نلقى نظرة عامة على تطور الحياة الحزبية فى مصر حيث اختلف الباحثين ممن تناولوا الحياة الحزبية فى مصر فى الفترة ( 1866- 1914م ) فمنهم من تناول ذلك الموضوع من زاوية " الحجم " وهناك آخرون تناولوا هذا الموضوع من زاوية " النوعية " وبالرغم من المعرضة التى وجهت إلى النظرة " النوعية " فانه يمكن تناول موضوع تتبع نشأة الأحزاب من هذه الزاوية مع الوعى باعتبار أن هذه النظرة قد تمنح أحزاب صغيرة أحجاما غير أحجامها الحقيقية أو تحرم أحزابا كبيرة من أحجامها الكبيرة ولكن أن تغليب النظرة النوعية له أسبابه والتى تتمثل فى :ـ
(2) أن حجم الأحزاب لا يبدوا فى محاولة " التثبت من هويتها " وإنما يتضح فى " حركتها " سواء فى علاقتها بعضها ببعض أو بالسلطات الحاكمة أو بموقفها من المطالب الوطنية من جلاء أو دستور .
(3) أن نوعية الحزب أبقى من حجمه ومن ثم يأتى الاهتمام بالتأثير فى المستقبل لا بفعل الحاضر فمثلا بالرغم من الحزب الوطنى كان يعبر عن جموع المصريين فى الفترة موضع الدراسة بإتجاهه الإسلامي فان حزب الأمة عبر عن مستقبل هؤلاء باتجاهه المصرى وبينما عبر حزب آخر مثل حزب الإصلاح على المبادئ الدستورية عن قطاعات عريضة أخرى من الشعب تؤمن بالولاء لشخص الحاكم عبر الحزب الجمهور عن فكر الأجيال القادمة بدعوته إلى التخلص من وجود أسرة محمد على "
** من هذا المطلق نستطيع تناول الحياة الحزبية فى مصر خلال هذه الفترة من خلال النقاط التالية :ـ
ý  فى نوفمبر 1866 صدر المرسوم الخديوى لتكوين مجلس شورى النواب وكان المرسوم يتضمن قانونين : قانون اللائحة الأساسية وقانون اللائحة النظامية وكان الأعضاء وعددهم 57 عضوا ينتخبون لثلاث سنوات وكانت أعمالهم فى المجلس لا تزيد عن مجرد تلقى العرائض أو الالتماسات وبعض المناقشات ليحتفظ بالبقية الباقية من ارتباطاتهم الجماهيرية أما غير ذلك من سلطات المجلس فقد كانت كلها فى يد الخديوى فهو وحده صاحب الق فى دعوة المجلس للانعقاد وصرفه أو حل المجلس الذى لم يكن بذلك ذو وضع عملى أو إيجابي فى القيام بدور نيابى كمثل لأي نوع من أنواع الرقابة ........ فضلا عن المعارضة .
وافتتحت الدورة الأولى للمجلس فى نوفمبر 1866م إلى يناير 1867م وناقشت أربعة مسائل رئيسية هى الضرائب - الملكية - الأشغال العامة – التعليم .
ولقد كانت أعمال هذا المجلس اقتراحات أو نصائح فقط دون أن يكون لها أي قوة تشريعية لئن بدأت الحياة البرلمانية المصرية هذه البداية المدهشة فلاشك أن أعضاء المجلس الذين كانوا يكونون طبقة كبار العمال فى القرى قد تنبهوا ليس لقدرتهم على مناقشة شئونهم فحسب ولكنهم بالفعل ناقشوا ضرورة إقامة نظام التعلية كأمر حيوى دون شك لمستقبل أبناء مصر .
وكان المجلس قد انتخب لثلاث سنوات سنوية وقد بدأت جلسات الدورة الثانية فى 16 مارس وانتهت فى 18 مايو 1868 وانعقدت الدورة الثالثة للمجلس من يناير إلى 22 مارس 1869 وأعطت أهميه لتخطيط المدن والقرى بواسطة المهندسين مع الاهتمام بشق الشوارع والإصلاح الزراعى وحفر وصيانة الترع وفى نهاية 1869م أجريت انتخابات جديده وافتتحت الدورة الجديدة فى أول فبراير 1870 وكان مجلس عام 1879 آخر المجالس فى عهد إسماعيل بدأ فى يناير 1879 واستمر حتى يوليو من نفس العام وأي تقييم للأعمال التى قامت بها المجالس  أيام إسماعيل حتى نهاية عام 1879 لابد أن يتضح التزامها بدائرة محدودة من العمل النيابى والتشريعى ولا يمكن إغفال اهتمام أعضاء المجالس ببعض النشاط خارج المجالس مثل البحث عن الأصول التشريعية لأعمال مجالسهم إلا أن اهتماماتهم داخل المجلس وهم جميعا من طبقة كبار الملاك انحصرت دائما فى الموضوعات والمشاكل التى تتصل باهتماماتهم الشخصية كمسائل الرى والزراعة والملكية الزراعية والقضاء .
ý  وكانت سنوات 1879: 1882 من السنوات المليئة بالأحداث فى تاريخ مصر .كان السخط على التدخل الأجنبي الأوربي فى السياسية المصرية هو أحد العوامل المحركة لحركة عرابى وضباطه . وفى أوائل عام 1879م كانت هناك مطالب بدعوى مجلس النواب ، وقدمت إلى الخديوى توفيق عريضة جريئة وقعها (1600) شخص فى عام 1881م تطالب توفيق بإعادة الحياة النيابية .
وكانت أحد مطالب عربى إلى الخديوى توفيق المقابلة المشهورة ، وهى دعوة مجلس النواب على أن يكون له نفس الحقوق الدستورية والتشريعية التى تتمتع بها المجالس الأوربية . وكان هذا الطلب ضمن قائمة عرابى على حدة ، الجزء الخاص بعودة الحياة النيابية ، لتبين إلى أي قدر كان قد بلغ التقدم المعنوى للمثقفين المصريين فى هذه المرحلة بقيادة ضباط الثورة العرابيه.
ý  ثم بدأ الاحتلال البريطانى لمصر عام 1882م ، وكان العمل النيابى عاجزا أو كسيحا فى هذه الفترة – ولقد كان ما يبرر عجزه انه كان يعمل فى ظل الاحتلال الإنجليزي ،واستمر على تلك الصورة من عام 1882الى 1912م . وفى خلال الثلاثين سنة ترأس مجلس الشورى سبعة رؤساء ، كانوا جميعا من باشوات البلاط ، وأحدهم كان الأمير حسن كامل الذى رأس المجلس عام 1909 إلى عام 1910م ، ولذلك فقد ظل المجلس دائما تحت سيطرة الخديوي .
ويعتبر عام 1893م انجح الفترات فى عمر مجلس شورى القوانين ، لأنه تحفظ على المصروفات الضخمة التى قررت لقوات الاحتلال . وفى عام 1896م إحتج لأنه لم يستشر فى ميزانية الحملة السودانية ، وفى مرة أخرى دافع عن المخصصات اللازمة لترقية التعليم . لقد حاول أن يؤكد حقوقه وسلطانه فى بعض الأحيان بإظهار روح العداء للاحتلال الإنجليزي .
وكان الشيخ " محمد عبده واحد من الشخصيات الهامة فى مجلس شورى القوانين إلى جانب أهميتة فى مصر كلها كواحد من علماء المسلمين الكبار .   
ý  وخلال الفترة السابقة وعلى الرغم من وجود مجلس نواب إلا أن أول ظهور حزب على الساحة المصرية كان ما سمى " بالحزب الوطنى " خلال الثورة العرابيه والذى أصطلح المؤرخون على تسميته " بالحزب الوطنى القديم " ثم ظهور " الحزب الوطنى " الثانى بزعامة " مصطفى كامل "  والذى كان قد تأسس أولا عام 1893م على شكل جمعية سرية فى صالون "لطيف باشا سليم " أحد الضباط العرابيين ورجل من رجال الحزب الوطنى القديم ، وبالرغم من كل ذلك لا يمكن القول أن " الحزب الوطنى " قد اتخذ الشكل الحزبى المطلوب من حيث الهيكل أو البرامج قبل عام 1907م . ولكن هناك من الأسباب التى دفعت " مصطفى كامل " لتأخير إقامة هيكل الحزب الوطنى ، أهمها إقتناعه بأن الوجود الحزبى قرين لتفتت الوحدة الوطنية وما ينتج عن ذلك من صراعات وانصراف المصريين عن مناهضة الوجود البريطانى .
وخلال الفترة التى ظهر فيها " الحزب الوطنى " ساد خلط واضح بين الحزب الوطنى وبين الحركة الوطنية ولم يفرق الكثيرون بين الأول كتنظيم سياسى له هيكله الواضح وبرنامجه المرسوم وعلاقاته المتنوعة وبين الحركة الوطنية كاتجاه سياسى عام يجمع كافة المشتغلين بالسياسة والمهتمين بمصير وطنهم ومبعث هذا الخلط أن الحركة الوطنية التى نشأت ضد الاحتلال خلال أواخر القرن التاسع عشر واستمرت تنموا حتى عام قيام الحزب – 1907- قد تزعمها أساسا " مصطفى كامل " منشئ الحزب الوطنى . وبالرغم من أن الحزب الوطنى من حيث الوجود المادى كان قائما – ممثلا فى جماعة المثقفين  حول مصطفى كامل – قبل كافة الأحزاب الأخرى إلا انه من حيث التنظيم الحزبى كان آخر الأحزاب الكبيرة التى تم الإعلان عنها .
ý  تعد سنة 1907 من الأعوام الهامة حتى أن البعض يعتبرها البداية الحقيقية للأحزاب السياسية فى هذا البلد فقد أنشئت فيه الأحزاب السياسية الثلاثة التى لعبت دورا هاما على مسرح السياسية المصرية حتى ثورة 1919م وهى – الوطنى ، الأمة ، الإصلاح – هذا بالإضافة إلى ظهور بعض الأحزاب الصغيرة الأخرى :
·    كان " حزب الإصلاح على المبادئ الدستورية "  يمينيا فى تأييده لسلطة الخديوى مما أدى إلى ظهور حزب الأحرار الذى كان يمينيا فى تأييده لبقاء سلطة الاحتلال
·    ونتيجة لوجود فراغ فى اليمين على ضوء اختلاف المواقف بين إنشاء الحزبين الأولين ( حزب الإصلاح و حزب الأحرار) أدى ذلك إلى ظهور" الحزب  الدستوري " الذى بلغ ذروة اليمينية بأتباعه سياسة الوفاق مع الخديوى عباس الثانى والسير دون جورست .
·    أما حزب النبلاء الذى أنشئ فى أكتوبر 1908 فقيمته لم تنبعث من أي دور سياسى لعبه وإنما ينبعث مما عبر عنه من " الأرستقراطية "
·    ثم ظهر أيضا خلال تلك الفترة " الحزب المصرى " والذى عبر عن الفكر السياسى للأقباط فى تلك الفترة ،لان الاتجاه الإسلامي الواضح الذى تميزت به سائر أقوال و أعمال الحزب الوطنى قد أثارت مخاوف الأقلية القبطية نظرا لما يمكن أن يؤثر فيهم مثل هذا الاتجاه من تحويلهم إلى مواطنين من الدرجة الثانية .
·    وبعد ذلك انشأ " حزب الأمة " " سبتمبر 1907 " وهو حزب الصفوة ولا نعنى بذلك بالضرورة الصفوة الفكرية فقط وإنما نعنى أيضا صفوة الملاك الزراعيين وظهور هذا الحزب ارتبط بظهور تيار الاعتدال فى السياسة المصرية حيث قدم هذا التيار والذى يمثله الحزب الأمة كبديل لتيار التطرف ضد وجود الاحتلال والذى مثله الحزب الوطنى .
وبصفة عامة يمكن القول أن الحزب الوطنى هو الحزب الوحيد من الأحزاب الكبيرة خلال تلك الفترة الذى إلتزم بنهج ديمقراطي فى تنظيمه وتضح ذلك فى :
v  أن الحزب الوطنى رفض أن يفرض على أعضائه لجنة إدارية معينه ، إذ لم يقبل مصطف كامل بفكرة تشكيل لجنه من أصدقائه لتكون اللجنة المؤسسة للحزب وان يحمل كل من يدخل الحزب على قبولها ورأى أن يترك هذا الأمر للجمعية العمومية وان لا يميز بين عضو وعضو " لان القصد خدمة الوطن ولا تمييز فى هذه الخدمة إلا بالهمة والقوة " وبالفعل قامت أول جمعية عمومية للحزب بانتخاب أعضاء لجنته الإدارية المكونة من ثلاثين عضوا ، وانتخبت هذه اللجنة التنفيذية المكونة من تسعة أعضاء أواخر عام 1907 .  بينما الحزبين الآخرين اختلف عن ذلك فحزب " الأمة " اعتبر لجنة الـ (25) المشرفة على الجريدة بمثابة لجنه إدارية للحزب وبينما اعتبر " حزب الإصلاح على المبادئ الدستورية " الجماعة المؤسسة بمثابة " مجلس الإدارة " المسئول عن شئون الحزب .
v  تميز برنامج الحزب الوطنى بالوضوح وترتيب القضايا التى كان على الحركة الوطنية أن تواجهها ترتيبا يتمشى مع الشعور الوطنى بأهميتها فهو مثلا منح مسألة " الاستقلال " أسبقية على مسألة " الدستور " فى الوقت الذى وضع فيه برنامج حزب الأمة مسألة " الاستقلال " كنتيجة مترتبة على مقدمات طويلة فى الوقت الذى قدم فيه حزب الإصلاح مسألة "الدستور على مسألة الاستقلال مما دف ذلك إلى وجود صرعى حزب نتج عن اتهام الحزب الوطنى هؤلاء الأحزاب بأنهم يبيعون بلادهم . وقد بينت لنا الحقائق أن الحزب الوطنى كان " حزب التعبير عن الواقع " مما كفل له تأييد الجموع الكبيرة التى جعلت منه اعظم الوزن فى الحركة السياسية المصرية فى تلك الحقبة .
·    وإذا كانت الأغلبية الكبرى من الأحزاب السياسية تميزت بغلبة مواقفها من الأوضاع القائمة على هوايتها الفكرية سواء كانت هذه المواقف من الوجود الاحتلالى أو من أوتوقراطية الخديوى أو من قضية الدستور ولكن اختلف الأمر بالنسبة لحزبين صغيرين ظهرا خلال تلك المرحلة هما :
v  الحزب الجمهوري ( ديسمبر 1907 ) : فالمجموعة التى كونت هذا الحزب " والتى هى أساسا مجموعة من المثقفين المتأثرين بالثورة الفرنسية "  طرحت نظاما بديلا للنظام الخديوى وهو النظام الجمهوري وهو نوع من الطرح يعتبر تقدميا تماما فى هذا الوقت ، كما انه على ضوء الواقع القائم فهو طرح فكرى قبل أن يكون طرحا عمليا . وقد جاء فى برنامج هذا الحزب وكتابات أصحابه انهم رأوا أن تدرج الأمة الطبيعي تمر بثلاث مراحل هى :
§        الأولى وضع الدستور
§        الثانية الاستقلال التام والفعلي عن سائر محاولات التسلط الخارجى بريطانيا كان أو عثمانيا .
§    الثالثة بأن تبلغ الحركة الوطنية قمتها فتعلن " الجمهورية " وهو فى تصور رجال الحزب أرقى المطالب وأعزها على النفس الوطنية العالية .
v  الحزب الإشتراكى المبارك : فعلى الرغم أن برامج الأحزاب الأخرى قد حفلت بالمطالبة بالاهتمام بالجماهير على شكل المطالبة بالتعليم المجانى أو العناية بالصحة أو الاهتمام بالفقراء ....... الخ ، فان هذا الحزب هو الوحيد الذى تقدم ببديل للأنظمة الاقتصادية والاجتماعية القائمة .
ý  بالنظر إلى الحياة الحزبية فى من فى هذه الحقبة التاريخية ( 1914:1866م ) نجد أن الأوضاع البنائية المتميزة للمجتمع المصرى هى التى أنجبت هذه الحياة الحزبية ،فمن المكن القول أن ميلاد الحياة الحزبية فى مصر كان من النتائج الرئيسية للحركة الوطنية المصرية فى سعيها نحو مقاومة الاحتلال والاستعمار .
ý  لقد صاحب ظهور النظام الحزب فى مصر مجموعة من الظروف والمتغيرات والأحداث الاجتماعية والفكرية والسياسية ، فمنذ اللحظة الأولى نستطيع القول أن نشأة الأحزاب السياسية قد ارتبطت إلى حد كبير بالبناء الطبقى السائد فى المجتمع آنذاك . فقد لوحظ ما يلى :
·    أن هناك تضخما نسبيا فى حجم طبقة كبار ومتوسطى الملاك ، أو ما كان يعرف باسم طبقة الأعيان خصوصا خلال فترة الاحتلال ، وارتبط ذلك فى الوقت ذاته بتقلص طبقة صغار الملاك وتحويلها إلى فلاحين معدمين نتيجة إضطرار هذه الطبقة إلى بيع أرضيها لمواجهة الأزمات الدورية التى كانت تعيشها بسبب الاعتماد على محصول القطن والاضطرار إلى الإستدانة ومن الطبيعى أن تسعى طبقة الأعيان إلى زيادة نفوذها السياسى بزيادة معدل مشاركتها السياسية من خلال تأسيس الأحزاب والإنفاق عليها  ، بعد أن حققت تفوها الاقتصادى والمالى .  
·    أما الطبقة الثانية فكانت طبقة المثقفين " الأفندية " فقد تغير حجم هذه الطبقة أيضا نتيجة لتصاعد فرص التعليم ، وبخاصة التعليم النظرى والاحتكاك بالثقافة الأوربية ، مما عمل على تطوير الوعى الإجتماعى والسياسى لدى طبقة المثقفين ، ومن ثم اهتمامهم بالمشاركة السياسية . يضاف إلى ذلك ازدياد قناعة المصريين بأن مواجهة الاحتلال البريطانى لن تتم إلا بتصعيد العمل الوطنى .
ý  إذا كان الحزب الوطنى بزعامة مصطفى كامل ومحمد فريد هو المعبر الحقيقى عن الفترة السابقة فى تجربة الحياة الحزبية والمترجم للحركة الوطنية أبان هذه المرحلة ( 1914:1866م ) والتى انتهت بقيام الحرب العالمية الأولى وظهور متغيرات دولية وداخلية بلغت ذروتها بانتهاء الحرب العالمية الأولى عام 1918م والتى مناسبة لمطالبة الشعوب المقهورة والمستعبدة بحقها الطبيعى فى الحرية والاستقلال وكان نتاج تلك الأحداث هو ظهور " حزب الوفد " على الساحة السياسية وقيادته للشعب المصرى للمطالبة بالاستقلال . وكان من ثمرات هذا الحزب تأليف " الوفد المصرى " الذى تشكل للمطالبة بالاستقلال والتفاوض مع سلطات الاحتلال على الجلاء .  وما عقب ذلك من قيام ثورة 1919م نتيجة قرار القبض على أعضاء الوفد المصرى والذى كان يمثله " سعد زغلول باشا ، ومحمد الباسل باشا ، وإسماعيل صدقى باشا ، ومحمد محمود باشا " ونفيهم إلى مالطا .
وحزب الوفد نشأ فى ثورة 1919م وإلتفت حوله الجماهير كمعبر عن مطالبها فى الاستقلال والحرية . وهذه الظروف التاريخية ( دولية ومحلية ) التى نشأ فى ظلها قد فرضت عليه موضوعيا أن يقف فى نشاطه عند حدود الكفاح " السلمى المشروع " .   وكان حزب الجماهير وقائدها فى كفاحها من اجل الحرية والجلاء . وتحدد جهاده الديمقراطي فى إطار دستور 1923م ، وتحدد جهاده الوطنى أيضا فى إستثمار كافة الإمكانيات والضغوط المحلية والدولية وصولا إلى جلاء المحتل بطريقة المفاوضة بإعتبارها الأسلوب السلمى الوحيد ، وأحتفظ بجماهيريته باعتباره أقوى الأحزاب فى الدفاع عن حقوق البلاد .
ý  ولقد كانت ثورة 1919 التى قادها أعضاء الوفد المصرى الذى شكل للتفاوض مع الإنجليز ثورة سياسية قامت من اجل استقلال الوطن أساسا ولكنها اجتذبت إليها أهم عناصر الأمة المصرية فكانت نتائجها على الوحدة الوطنية بالغة الأثر ، فقد اشترك فى الثورة المسلمون والأقباط على السواء الأمر الذى جعل مصر هى الدولة العربية الوحيدة التى لا تمزقها العصبيات والثغرات القومية والدينية ، وبالمثل استجابت المرأة المصرية للشعور الوطنى فنزلت لأول مرة فى حياتها إلى ميدان النضال السياسى ، مسجلة الخطوة الأولى فى اخطر تطور اجتماعي فى تاريخ البلاد ، وكانت الثورة فرصة هائلة أمام المرأة المصرية لتؤكد وجودها فى المجتمع رغم كل العقبات التى وضعتها التقاليد والعادات للحيلولة دون تحرير المرأة ، وكان ذلك أيضا إذنا بإندلاع حركة المطالبة بتحرير المرأة المصرية .
ولقد أدت إحداث الثورة وتطوراها إلى تشكيل لجان الوفد ومن ثم تحوله إلى حزب سياسى يضم شتى القوى الاجتماعية والسياسية والدينية بحيث أصبحت نشأة الوفد تعكس ذلك التجمع الوطنى الذى شارك فى ثورة 1919م وقد استغرق التحول من التجمع إلى الحزب نحو خمسة سنوات إذ جرى التحول إلى الحزب فى 26 إبريل عام 1924م بعقد اجتماع لأعضاء الوفد فى مجلس النواب من اجل وضع نظام ثابت للهيئة الوفدية وكما أدت ثورة 1919م إلى ميلاد هذا التنظيم الحزبى الضخم كانت أيضا قد هيأت كل الظروف لبحث الزعامة السياسية والوطنية ممثله فى شخص " سعد باشا زغلول " وهكذا توافرت للوفد مقومات النجاح على نحو لم يتوفر لأي حزب من أحزاب هذه المرحلة .
واتبع الوفد سبلا متعددة للمطالبة بالاستقلال ، فهو من ناحية استمر فى حواره مع السلطات الإنجليزية والاحتجاج لديها على استمرار الاحتلال والحماية . ومخاطبة الرأى العام الأوربي عامة لاستمالته وكسب تعاطفه مع القضية المصرية ، هذا فضلا عن السعى إلى تعبئة الرأى العام الداخلى ، وامتزج مطلب الاستقلال الوطنى مع مطلب البناء الديمقراطى فى ثورة 1919م تحت قيادة الوفد ، واستلهم الوفد صيغة " مصر للمصريين " فى ظروف جديده قاصدا بها بناء الوطن المستقل الديمقراطى ومقاومة الاحتلال والحكم المطلق فى عملية سياسية واحدة . واستمر الوفد يؤدى رسالته من خلال الدعم الجماهيرى الذى إكتسبه هذا الحزب بوصفة معبرا عن كافة القوى الاجتماعية ، وحتى وفاة " سعد زغلول عام 1927م وتولى " مصطفى النحاس " زمام القيادة .
ولقد عانى الوفد من أربعة إنشقاقات أفرزت ثلاثة من الأحزاب هى : الأحرار الدستوريين ( 1922م ) والهيئة السعدية ( 1938م ) والكتلة الوفدية( 1943م ) . إلا أنه رغم هذه الإنشقاقات ظل حزب الوفد هو الوعاء الأكبر، أو المظلة التى تظل هذه الأحزاب المنشقة بإستثناء الأحرار الدستوريين، فلم يضع أي حزب من هذه الأحزاب برنامجا له ، واعتبر كل من السعديين والكتلة الوفدية برامجهم هى مبادئ الوفد الأصلية .
ولا شك أن هذه الإنشقاقات التى أصابت حزب الوفد قد ترتب عليها نتائج سلبية عديدة سواء فيا يتصل بالحركة الوطنية المصرية أو بالحياة الحزبية . فقد فتحت الباب أمام القوى مناهضة للحركة الوطنية والملك والإنجليز للتدخل فى شئون الأحزاب الجديدة ومن جهة أخرى حاولت الأحزاب المنشقة أن تلعب دور البديل فى الحياة الحزبية مما اضعف الدور الوطنى الأصيل لحزب الوفد ، واغرق الحياة الحزبية فى خلافات وتصارعات شخصية بحتة .
ý  أن أي مهتم بالتاريخ السياسى لمصر خلال القرين العشرين لا بد أن يقف أمام حزب الوفد فلقد كان الوفد اكبر بيوت الشعب سنين طويلة ، وإذا كانت قيادته فى البداية قد عبرت سياسيا واقتصاديا بطريق عير مباشر عن مصالح التطور الرأسمالى ومتطلباته ثم خضعت فى النهاية لبعض نفوذ ملاك الأرض فلم يكن الوفد قيادة فحسب كان جماهيريا أيضا ، ولم يكن تاريخه سلطة فقط ، بل وقف فى المعارضة زمنا أطول لا يجد له قوة غير الجماهير . ولم يكن الوفد بهذه الصورة قادرا على تنظيم الجماهير وتحريكها على النحو الذى يمكن من تخطى النظام القائم كله ، ولم يكن فى خطة القيادة أن تصل بالأحداث إلى ما يهدد النظام القائم أو يتخطى آيا من حدوده السياسية أو الاجتماعية . فكان دور الاتجاه النقدى فى الحزب هو المساهمة فى إنضاج وعى الجماهير وإثارتها ، وكان دور الحزب فى مجموعة هو الهجوم على الحكومة ، وكشف سياستها غير الوطنية
ý  وإذا كان حزب الوفد يمثل أهم ملامح الحياة الحزبية خلال هذه المرحلة التاريخية ( 1951:1914م) ، فثمة ظاهرات أخرى هامة تستحق الإشارة خلال هذه المرحلة هى :
v  أولها : عدة قدرة الحزب الوطنى على مواكبة التغيرات والتحولات التى شهدتها هذه الفترة ، نتيجة عدم استيعابه المتغيرات التى صاحبت التحول الإجتماعى والسياسى على المستويين المحلى والدولى . فقد وقع الحزب أسيرا لتاريخه خلال التجربة الأولى ( 1914:1907م ) ومن ثم جموده وعدم قدرته على مسايرة حركة المجتمع . ولقد ترتب على جمود الحزب الوطنى وعجزه عن استيعاب متغيرات العصر أن لجأ إلى سياسات لا تفسر إلا على أساس العداء المطلق لحزب الوفد ن مثال ذلك تحالفه مع شتى القوى التى عادت الحزب الكبير مهما كان موقع هذه القوة فقد تحالف مع الملك ومع حزب مصر الفتاه ومع الأحزاب المنشقة عن حزب الوفد ، والقاسم المشترك فى هذه التحالفات هو العداء الشديد لحزب الوفد .  على أن العداء الشديد لحزب الوفد ، كان دافعا أيضا لظهور مجموعة من الأحزاب التى ضمت فئات تنطوى على العداء لحزب الوفد من جهة ولها مصالحها من الخاصة من جهة أخرى مثل كبار الملاك الزراعيين وكبار الموظفين ، وكانت المظلة التى تحمى هذه الأحزاب هى القصر . فلدينا حزب " الاتحاد " ( 1925م )، فالقصر هو الذى عهد لأقامته ، ثم تولى اختيار الأعضاء وإصدار الصحف ، واعتبر نفسه مسئولا عن مسيرته ، وانضم إلى الحزب بالطبع كبار الملاك أو أغنياء الريف فتحققت للحزب قوة المال وسلطة القصر .
v  ثانى هذه الظواهر : المحاولة الحزبية الثانية بعد حزب " الاتحاد " وهى حزب الشعب ( 1930م ) أسندت رئاسته إلى " إسماعيل صدقى " وهو سياسى مصرى بارع استطاع أن يجمع للحزب الجديد الأنصار والأعضاء خاصة من بين الاتحاديين ، كما أن الحزب أيضا قد حصل على تأييد شقيقة " الحزب الملكي الاتحادي " إلا أن الحزب انتهى بسقوط " إسماعيل صدقى " خصوصا بعد أن تغيرت الظروف والوقائع بوفاة الملك " فؤاد " عام 1936م، وعلى الرغم من أن القصر قد حاول أن يتخلص من الميراث الحزبى الذى ارتبط به ، إلا أن انه ظل يمارس دورا من شأنه أن يزيد الأحزاب الكبرى ضعفا ، ويدعم نفوذه السياسى فى الوقت ذاته .
v  أما الظاهرة الثالثة : فهى تبلور الجماعات السياسية الضاغطة حول أيديولوجيات محدده ، وقد شهدت الساحة السياسية ظهور ثلاثة جماعات سياسية رئيسية هى :ـ
§ الماركسيون : الذين شاركوا فى تأسيس الحزب الإشتراكى المصرى عام 1921م مما كان إيذانا بظهور الأحزاب الشيوعية فى مصر .
§  جماعة الإخوان المسلمين : الذين لعبوا دورا هاما امتد إلى ثورة 23 يوليو 1952م
§  جماعة مصر الفتاه : أسسها " احمد حسين ، وفتحى رضوان عام 1933م ،
واهم ما يميز هذه الجماعات أنها انطلقت فى تناولها للمسائل الوطنية المصرية أو غيرها من إطار فكرى وعقائدي بحيث أصبحت المسألة السياسية أحد الجوانب التى تتناولها هذه الجماعات .
ý  ومنذ قيام معاهدة 1936م دخلت الحركة الوطنية منعطفا جديدا تمثل فى رفع شعار الكفاح المسلح الذى أطلقته التنظيمات الشعبية بالإضافة إلى رفع شعار إلغاء معاهدة "1936" ووجد هذا كله قبولا كاسحا حتى استبد بالحياة السياسية وحتى مهد أمام الأكثرية الطريق الذى لا طريق وراؤه لحل المشكلة الوطنية . ومن جهة أخرى كانت المشاكل الاجتماعية والاقتصادية إلى تواجه الحكومة قد بلغت حدا من العنف والاحتدام بعيدا . وارتفاع الأسعار وانخفاض مستوى المعيشة وسوء الأوضاع الاقتصادية ، ثم الفساد الذى استشرى واندفاع الملك والحاشية فى مسلكهم المعيب ، كل هذه المشاكل تراكمت بالإضافة إلى تعاقب الحكومات خلال فترات صغيرة وعدم قدرة أي منها من تلبية احتياجات الشعب فى عيشة كريمة أو تخليصه من الاحتلال وظلم الملك وهذا بالإضافة إلى انشغال الأحزاب فى صراعات شخصية بعيدا عن مطالب الشغب كل هذا مهد إلى قيام الثورة فى 23 يوليو 1952م .  
** وبصفة عامة يمكن تلخيص الحياة الحزبية فى مصر قبل ثورة 23 يوليو بما يمثلها من تعددية حزبية فى النقاط التالية والتى من خلالها سنوضح الأحزاب التى ظهرت خلال تلك المرحلة وذلك وفقا لاتجاهاتها العامة كما يلى [3]
ý     الاتجاه الأول :ـ
وهو الذى تبنى قيادة الحركة للمطالبة بطرد الاحتلال ونيل الاستقلال وشمل الأحزاب التالية :
1)     الحزب الوطنى :ـ
أنشأه " مصطفى كامل " عام 1907م بعد عودته من باريس وقد اجتمعت أول جمعية فى 27 ديسمبر 1907 وكانت تضم إلى جانب مصطفى كامل رئيسا وكلا من محمد فري ،  واحمد فائق باشا ، وحسن حارس باشا ، وسيد شكرى باشا ، ويصا واصف ،ود. على بك فهمى كامل ، وغيرهم .
وانطلق برنامج الحزب من ضرورة جلاء الإنجليز عن مصر على أساس أن الاحتلال الإنجليزي هو مصدر البلاء والتخلف الذى يواجه المجتمع المصرى ، ومن ثم الاستقلال هو هدف مصر الأول ليس هذا فحسب بل الدستور والحياه النيابية . ووجود برلمان واعى من أهم الأهداف الأساسية لهذا الحزب ، وقد إلتزم هذا الحزب بمنهج ديموقراطى فى تنظيمه واضح ذلك فى بناء هيكله ولم يقتصر كفاح الحزب على الجوانب السياسية فحسب وإنما كان له أبعاد اجتماعية هامة خاصة فيما يتعلق بضرورة إصلاح أحزاب الطبقات الفقيرة ، وتوفير التعليم لهم وإرسال البعثات إلى أوربا وقد عمل مصطفى كامل بكل جهده لإنجاح حزبيه رافعا شعارات الاستقلال التام لمصر ووحدتها مع السودان ولا مفوضات مع الإنجليز إلا بعد الجلاء ثم تولى خليفته " محمد فريد " حتى 1919م حتى بدأ دور الحزب يتضاءل وخاصة بعد استقالة بعض الأعضاء فى وقت مبكر عقب وفاة " مصطفى كامل " وظهور حزب الوفد كبديل لقيادة الحركة الوطنية من خلال إقناع الجماهير ببرامجه وواقعيتها لتخليص الشعب مما يعانيه وتحقيق آماله المنشودة .
2)     حزب الوفد :ـ
وقد أنشأه "سعد زغلول فى 23 نوفمبر 1918 وسمى بذلك الاسم نسبتا إلى وفد مصر الذى تم تشكيله لمقابلة المندوب السامى البريطانى ،ويتجه للمطالبة لاستقلال مصر وإلغاء الأحكام العرفية وإلغاء الرقابة على الصحف والمطبوعات والوصول إلى آمال البلاد المشروعة .
وكان يضم فى عضوية بالإضافة إلى "سعد زغلول باشا " رئيسا كلا من على شعراوى باشا ، وعبد العزيز باشا ، واحمد لطفى السيد بك ، ومحمد على بك ، وعلى عبد اللطيف المكباتى بك ، وكان بمثابة تحالف يضم عددا للشخصيات الممثلة للقوى السياسية المختلفة فى مصر . وقد اتبع هذا الحزب طرقا عديدة للمطالبة لاستقلال مصر مثل الاتصال بالسلطات الإنجليزية والاحتجاج لديها على استمرار الاحتلال والحماية ومخاطبة الرأى العام الأوربي عامة والإنجليزي خاصة وذلك لكسب تعاطفه مع القضية المصرية بالإضافة إلى سعيه لتعبئة الرأى العام الداخلى وطمأنة الأجانب المقيمين فى مصر .
وبالرغم من تمثيل الوفد للاتجاهات السياسية والدينية المختلفة فى المجتمع فإن قيادته كانت تنتمي إلى كبار الملاك وممثلي الرأسمالية الوطنية ، وظل " سعد زغلول قائد حتى وفاته عام 1927م ثم تولى زعامته " مصطفى النحاس " ثم نشبت خلافات بين قيادته وخاصة بعد توقيع معاهد 1936م والتى كانت بمثابة إعلان نهاية دور حزب الوفد التاريخى الذى تكون من أجله وبقى الحزب ضعيفا مفككا بسبب الإنشقاقات المتوالية التى حلت به حتى اندلاع ثورة 23 يوليو 1952م .
ý     الاتجاه الثانى :ـ
وهو الذى نشأ بتشجيع من الاحتلال ، ولم تعبر برامجه عن رفض مباشر للاحتلال وشمل :ـ
1)     حزب الأمة :ـ
انشأ فى 1907 وقد أنشأه كبار الملاك والأعيان فى مصر الذين يمثلون البرجوازية المصرية وينتمون إلى عائلات معروفة ومرموقة فى ذلك الوقت وأراد من خلاله اللورد " كورمر " المندوب السامى فى مصر إيجاد مجموعة سياسية تمثل تيارا معتدلا فى مواجهو الحركة الوطنية التى قادها مصطفى كامل
وعلى هذه الصورة خرج هذا الحزب بتأييد ممن اللورد " كورومر " والدوائر البريطانية ويرأسه محمود باشا السليمان ويساعده كلا من حسين باشا عبد الرازق ،وعلى شعراوى ،واحمد لطفى السيد الذى تولى تحرير الجريدة لسان حال الحزب ، وكان هو أول الأحزاب التى وضعت لها برنامجا . و قد سماه رئيسا الحزب خطة وكان برنامجه :
أ‌-  أن نقصد بسعينا وأموالنا ونصائحنا حركة التعليم العام والمشروعات التى تساعد على تحقيق غايتنا من التقدم والمدينة
ب‌- أن نوجهه همنا ونصرف قواتنا للحصول على حقنا الطبيعى وهو الاشتراك مع الحكومة فى وضع القوانين والمشروعات .
ت‌-  أن نواصل السعى ولاندع فرصة تفوتنا على نهضة التعليم فى مدارس الحكومة مجانا وإجباريا
ث‌-  العمل على توسيع نظام الجمعية الزراعية وذلك لتقدم الزراعة فى البلاد وإنماء حاصلاتها وتنويع مزرعتها .
ج‌-  ألا نهمل الصناعة بل نأدب على رقيها وتقدمها بفتح المدارس الحرة أو الأميرية .
ح‌-  أن نسهر على المصالح التجارية العامة حتى تتمتع الأمة حقيقتا بثمرات أتعابها فى زرعتها وصناعتها .
ويرى البعض أن البرنامج العام لهذا الحزب مضمونة الاعتراف بالاحتلال وضرورة التعامل معه كمرحلة مؤقتة ينال بعدها الشعب المصرى الاستقلال ، فمقاومة الاحتلال واتباع وسائل العنف لا تحققان أمنيات هذا الشعب بقدر ما يحققه تطوير الأمة ونشر التعليم ورفع مستوى الوعى القومى عنده لعل التحدي الصعب الذى واجهه الحزب وأضعفه وأسرع بكهولته هو استبدال " جروست "  بدلا من " كورومر " فقد وصل " جروست " تأييده للحزب ومن ثم دفعه إلى تغيير سياسته مما دعا اغلب أعضاؤه إلى الانفضاض من  حوله والتعاطف مع الحزب الوطنى فى البداية ثم الانتماء إليه .
2)     الحزب الوطنى الحر :ـ
تأسس فى 26 يوليو 1907 برئاسة " محمد وحيد بك الأيوبي " وذلك للرد على بيانات "مصطفى كامل " ومعارضة سياسته ومناهضتها لإرضاء الاحتلال البريطانى وذلك من خلال جريدة المقطم لسان حال الحزب وكانت تحمل فى كثير من عناوينها ومقالاتها وجوها متعددة للدفاع عن الاحتلال والفوائد التى يعكسها على الشعب وكان اغلب أعضاؤه من السوريين اللذين هربوا من الحكم التركى فى سوريا والأقباط الذين وجدوا ميزاتهم فى برامج ومواقف هذا الحزب اتجاه بعض التيارات الوطنية الأخرى من خلال تعامله مع الإنجليز فإن زعيمه لم يحاول السير على طريقه وسياسته الموالية بل كان له من الجرأة ما جعله يكتب مقالا فى المقطم عام 1908م يودع فيه اللورد كورمر ويرحب ب" جرورست كخليفته لقيادة النظام البريطانى فى مصر وبين روابط الصداقة التى تجمع بين الشعبين المصرى والبريطانى وما تخفيه من فوائد ومنافع نتيجة هذه العلاقات الأمر الذى دعا الرأى العام إلى السخط عليه ومقاطعته حتى اختف تدريجيا .
ويرى البعض أن هذا الحزب هو الصورة السلبية للحزب الوطنى وبرنامجه يدعوا إلى المسالمة الكاملة للاحتلال كالأتي :
§        مسالمة المحتلين والسعى إلى نيل ثقتهم والاتفاق معهم على كل ما فيه خير القطر وإنجاحه
§        مسالمة الأجانب من سكان القطر المصرى على اختلاف مللهم وعدهم جميعا أخوانا لنا
§    السعى فى تعميم التعليم الابتدائى بين طبقات الأمة كلها وتوسيع نطاق التعليم العالى وأرسل البعثات إلى أوربا  لتعليم العلوم .
§    السعى فى تفهيم عامة الأمة وبوسطائها معنى الوحدة الحقيقية وشروطها وتحذيرها من الذين يضللون ليقوعنها فى المصائب والمحن ويقضوا مأربهم الخصوصية
§    السعى إلى الحكم النيابى من أبوابه بإقناع الحكومة الإنجليزية وجميع الأمم الأوربية بإخلاصنا ويسامحنا وكفاءتنا بأننا أهل لهذا الحكم .
3)     الحزب المصرى :ـ
أسسه أحد الأقباط ويدعى " اخنوخ فانوس " فى 2 سبتمبر 1908 ومن أهم العوامل التى دفعته لإنشاء هذا الحزب تصدع الوحدة الوطنية بين المسلمين والأقباط بعد موت مصطفى كامل نتيجة للمؤامرة التى دبرتها بريطانيا للحزب الوطنى ، وبالفعل لاقت هذه الدعوة قبولا ومنهم " ويصا واصف " الذى استقال من الحزب الوطنى أثر تصميم بريطانيا على تعميم الخلافات وشق الحركة الوطنية وقد عبر الحزب عن الفكر. وقد عبر الحزب عن الفكر السياسى للأقباط فى تلك الفترة وربما يرجع ذلك إلى مخاوف الأقلية القبطية فى مصر من زيادة الاتجاه الإسلامي التى تميز به سائر أقوال وأفعال الحزب الوطنى . وعن برنامج الحزب فجاءت تحت عنوان " استقلال مصر ، سعادة فلاحى وسكان مصر واعتبر كلمة مصر مطلقة على الأصل أو التجنيس بالجنسية المصرية كما اتضح الطابع العلمانى لهذا الحزب ، إذ جاء فى المادة الثلاثة فصل الدين عن السياسة الوطنية بين المصريين والوطنيين بلا تمييز مطلق بين الجنس والدين كما حاول هذا الحزب إيجاد نوع من الرابطة مع إنجلترا فقد جاء فى المادة الخامسة عن المطالبة بعقد معاهدة بين مصر وبريطانيا تضمن حرية تجارة إنجلترا فى مصر وتسهيل طرق الهند لها فى السلم والحرب فى دائرة حدود مصر . مقابل تعهد بريطانيا بالمحافظة على مصر واستقلالها والمساعدة فى صد الغارات الأجنبية عنها .
وبالرغم من الخطط السياسية والاجتماعية التى شملها برنامج الحزب إلا أن موقفه من الاحتلال أدى إلى هروب الكثير من حوله ولم يلقى التأييد إلا من قبل الدوائر البريطانية وبعض العائلات القبطية الثرية بحيث عجز عن تنفيذ أي هدف من الأهداف التى تبناها وسعى إلى تحقيقها لأنه كما يقال ولد ميتا      
ý     الاتجاه الثالث :ـ
وهو اتجاه مؤيد للخديوى حيث قامت هذه الأحزاب بتأييد من الخديوى والقصر وشمل :
1)     حزب الإصلاح :ـ
أسسه الشيخ على يوسف صاحب جريدة المؤيد وعضو الجمعية العمومية للدفاع عن الخديوى فى مواجهة حزب الأمة الموالى للإنجليز والحزب الوطنى قائد الحركة الوطنية حتى عرف تاريخيا بأنه اكثر الأحزاب المصرية تقربا للخديوى والقصر  وقد جاء فى برنامج الحزب تأيدا لسلطة الخديوى وبذلك كان الحزب الوحيد الذى ضمن برنامجه مثل هذا المبدأ بل جعل له الأسبقية على ماعداه من مبادئ وبالتالى لم يحظ أي حزب سياسى بما حظى به هذا الحزب من تأييد الخديوى وقد إلتزم زعماؤه تماما بخط السياسى للقصر لكنه لم يحظى بالتأييد الشعبى الذى حظى به الحزب الوطنى ولا بالتأييد الطبقى الذى تمتع به حزب الأمة حتى تفكك وتبدد نهائيا خاصتا بعد موت مؤسسة الشيخ على يوسف سنة 1911م 
2)     حزب النبلاء :ـ
ظهر فى أكتوبر عام 1908م برئاسة "حسن حلمى بك " وسكرتيرة "محمود طاهر حقى " وكانوا من أعضاء الحزب الوطنى وخرجوا منه بسبب الموقف المناهض والهجوم العنيف الذى تبناه مصطفى كامل زعيم الحزب الوطنى اتجاه الخديوى ثم انضم إليهم بعض الأتراك الذين دافعوا عن الخديوى بإعتباره أساس الأوستقراطية ولم يكن لهذا الحزب أي تأثير على جانب من جوانب الحياة السياسية المصرية وبالتالى سرعان ما ذهب إدراج الرياح دون آثر أو فعل ملموس .
3)     حزب الاتحاد :
شرع حسن نشأت باشا نائب رئيس الديوان الملكى فى تأليف هذا الحزب فى 10 يناير 1925 وذلك بإيعاز من القصر ليضارب به الوفد وأيضا ليعمل كأداة له فى حكم البلاد والدفاع عن مصالح الملك وتنفيذ سياسته مما جعل شعاره منذ تأسيسه الولاء للقصر وكان رئيسة " يحي إبراهيم باشا " وانضم إلية بعض كبار رجال الجيش المتقاعدين وبعض رجال الدين والمنشقين عن الهيئة الوفدية وكان مؤسسه يطمع فى الوصول إلى الحكم مما دفعه أيضا إلى تحسين علاقته مع الإنجليز ليصبح هذا الحزب من ابرز الأحزاب التى جمعت الولاء للقصر والاحتلال وكان برنامجه :
§        توحيد صفوف الشعب وتوحيد مجهوداته للعمل فى ظل الدستور
§        نشر الدعوة داخل البلاد للمحافظة على روح الاستقلالية وفى خارجها لإقناع المجتمع الدولى بعدالة القضية المصرية
§        العناية التامة بتخطيط المدن والقرى على افضل وجه صحى
§        التفاهم مع الدول صاحبة الامتيازات لاستعاضة عنها بتنظيم يضمن استقلال البلاد
§        تنفيذ ما نص علية الدستور من تعميم التعليم الأول الإجباري للبنين والبنات ورفع مستوى التعليم عامة .
§        ضمان استقلال القضاء بتوحيد درجات القضاة وتعميم مبدأ عدم قابليتهم للعزل
§        جعل القاعدة للتوظيف بالحكومة تبعا لكفاءة المؤهلات الشخصية بصرف النظر عن الاعتبارات السياسية .
§        رفع مستوى الفلاح ماليا وماديا وأدبيا بتعميم النقابات الزراعية ،وتنظيم العلاقات بين العامل وصاحب العمل .
§        وقاية الصحة العامة بين الطبقات الفقيرة ، وتسهيل طرق العلاج بها والاهتمام بالمستشفيات .
§        تقوية الثقة المالية لمصر ، وتنمية موارد ثرواتها ، والعناية بأصناف القطن وتثبيت أسعاره
§        إعداد وتقوية وسائل الدفاع بمختلف أنواعها للدفاع عن البلاد .                                                                           
4)     حزب الشعب :ـ
تأسس فى نوفمبر سنة 1930م برئاسة إسماعيل صدقى باشا الذى حاول أن يستر به سياسات البطش التى البطش التى اتبعاها القصر والإنجليز ، وأنشأ جريدة الشعب لتنطلق بإسم الحزب . ولكن كان الحزب والجريدة هازلين فبالرغم أن اسمه كان الشعب إلا انه كان ابعد ما يكون عن هذه التسمية وذلك بقيامه على قوة البوليس وسلطان الإدارة  فكان مثلا لانتهازيته السياسية ورمزا لمحاولة القصر ضرب قوى الحركة الوطنية بإستمرار ولم يكن له وجود شعبى بالرغم من حصوله على 96% من إجمالي مقاعد مجلس النواب فى انتخابات سنة 1931م الأمر الذى يؤكد سياسة التزوير فى الانتخابات التى انتهجها صدقى باشا التى اكتشفها الرأى العام لذا لم يعد لهذا الحزب وجود بمجرد خروج صدقى باشا من الحكم .
ý     الاتجاه الرابع ( أحزاب الرفض السياسى والاجتماعي ) :ـ
كانت الأحزاب السياسية السابقة والتى مثلت الاتجاهات الثلاثة تميل إلى الأخذ والتسليم بمبادئ الديمقراطية الليبرالية ، وأسس النظم الدستورية الحديثة . إلا أن هناك اتجاها رابعا لم يرفض الواقع السياسى فحسب بل كان داعيا إلى تغير شامل فى المجتمع سواء بوجهه السياسى والاقتصادى أو الإجتماعى ، وأيضا الدستورى . واهم هذه الأحزاب التالى :
1)     جماعة الأخوان المسلمين :ـ
تعد كبرى الحركات الإسلامية الحديثة وهى بتعبير الشيخ حسن البنا منشئ الجماعة فكرة جماعة تضم كل المعانى الإصلاحية فهى دعوة سلفية حقيقية صوفية هيئة سياسية جماعية رياضية رابطة علمية ثقافية واقتصادية . وبالرغم من صعوبة تحديد وقت تكوين هذه الجماعة فإن نقاط التحول فى تاريخ زعيمها الشهيد " حسن البنا " يعطى مدلولا واضحا لتطوير هذه الحركة وطبيعتها فمنذ 1928م بدأ " البنا " يتجمع بالإخوان لتلقى دروسهم فى القرآن الكريم والسنة حيث بدؤوا يتدربون على الخطابة والتدريس ولم تمضى شهور قليلة حتى اصبح عددهم يزيد على 70 رجلا وفى المدة من سنة 1930 إلى 1932 وهى التى أخذت فيها الجماعة صفتها القانونية وإزداد نشاط هذه الجماعات فإنتقلت رسميا من الإسماعيلية إلى القاهرة لتباشر فيها دعوتها وتتصل برجال الفكر والسياسة الذين رأى فيهم ميل إلى مبادئ الحركة وأهدافها وخاصة تأسيس مجلة الأخوان المسلمين فى مايو 1933م . بالرغم أن دعوة الأخوان  قد تميزت فى مرحلتها الأولى بتربية الأمة وتنبه الشعب وتغير العرف العام وتزكية النفوس إلا أنها كانت فى واقع الأمر حزبا سياسيا بمعنى الكلمة إذ كان أهدافها ومبادئها تتصل بالسياسة والنظام الحكام كل ذلك بدأ جليا من خلال الأسس العامة التى وضعتها الجماعة فى المؤتمر الخامس الذى عقد فى يناير 1939م والتى مقتضاها قررت الجماعة الدخول فى الحياة السياسية وإعلان موقفها من القوى السياسية ( القصر والأحزاب ) التى كانت تتحكم فى شئون البلاد
ومن أسس سياسة الجماعة :
§        الإسلام نظام شامل متكامل بذاته وهو السبيل النهائى للحياة بكافة نواحيها
§        الإسلام نابع من مصدرين أساسيا هما القرآن الكريم والسنة المشرفة
§        الإسلام طابق للتطبيق فى كل زمان ومكان
وبالرغم من محاولة الأخوان الانتقال بدعوتهم من المجال الشعبى إلى المجال الحكومى فإن اغلب محاولتهم باءت بالفشل رغم التأييد الشعبى لهم وكل ذلك يرجع إلى تحكم القصر وحاشيته فى الانتخابات من ناحية أخرى . وإحساس جميع الأحزاب السياسية بخطورة هذه الجماعة عليها من ناحية أخرى . وهكذا اتفق قادة الأحزاب والملك على القضاء على الأخوان المسلمين فأعلن الأولون الحرب ورد عليهم الآخرون بالنضال الذى ترتب علية اغتيال الإخوان لكل من " محمود النقراشى " و " إبراهيم عبد الهادى " لتعيش الجماعة هذا الصراع الذى لزمها منذ نشأتها وأثر على اتجاهها فأعاقها عن تحقيق أهدافها مآربها هذا وتعتبر جماعة الإخوان المسلمين من الأحزاب غير الرسمية الموجودة حتى الآن على الساحة السياسية فى مصر . 
2)     حزب مصر الفتاه :ـ
وتكونت هذه الجماعة فى أواخر عام 1933م فى مبتدئ الأمر من مجموعة من الشباب الجامعى بعد أن أحسوا بخيبة الأمل فى النظام الدستورى العاجز عن تحقيق آمال وأماني الشعب المصرى وكان هدفها أن تجمع الشباب فى صعيد واحد وان تعودهم النظام والطاعة وان تنطقهم بنشيد واحد وان تملؤهم إيمانا بحقهم وقوتهم وقدرتهم على العمل وقد بدأت كحركة شبابية كان رئيسها " احمد حسين " يعاونه بعض زملاؤه من خريجى كلية الحقوق وعلى رأسهم " مصطفى الوكيل " و " فتحى رضوان "
وكانت ذات تنظيم محدد وصبغة مميزة مما اثر على تاريخها تأثيرا شديدا ، وبالنسبة للتنظيم قد غلب عليه الطابع العسكرى إذ تكونت الجماعة من ست درجات تبدا بالقسم الذى يضم كلا منه 12 مجاهدا وتنتهي بهيئة أركان الجهاد التى تتكون من رؤساء الفيالق وقد تكرر أن يرتدى المجاهدون قمصان خضراء مما أدى إلى أن تعرف الجماعة بأصحاب القميص الأخضر ، ويطلق عليها البعض جماعة الصخب السياسى فقد استخدمت أيديولوجية متناقضة لصنع اكبر قدر من الصخب وهى فى هذا العمل كانت ترتدى فى كل مرحلة ترتدى الزي الذى يناسبها .
فقد تحولت الحركة إلى حزب " مصر الفتاه عام 1937م ثم إلى الحزب الوطنى الإسلامي سنة 1940 ثم عادت التسمية إلى " مصر الفتاه " حتى عام 1949م عندما تغير الاسم إلى حزب " مصر الإشتراكى " هذه التغيرات المعتمد من الأسماء تدل على الأفكار المتذبذبة التى كان يحملها الحزب ويدعو إليها من خلال برنامجه ومنشوراته فتارة يدعوا إلى اقتباس الأساليب الفاشية وطورا إلى التمسك بالإسلام بل أحيانا يدعوا إلى إمبراطورية عربية إسلامية وأحيانا إلى تمجد مصر والدعوة إلى زعامتها ثم نراه يدعوا إلى التغير الشامل للنظام البرلمانى والديمقراطى ثم يدعوا للمناداة لخلافة فارق وتأييد الملك ونراه يوجه العداء للوفد ثم مهادنته وهكذا . والملاحظ أن سبب التفكير فى إنشاء هذا الحزب بصورة عامة يرجع إلى رغبة " احمد حسين " ورفاقه فى تحويل التأييد الشعبى لهذا الحزب بعد أن انحرف حزب الوفد وتخاذل فى تحقيق وعده وبرامجه ، يذهب " دكريك هوبوود " إلى أن جماعة وحزب مصر الفتاه كونا الحركة الراديكالية فى مصر خلال تلك الفترة ن حيث تشابهت فى رأيه أهداف كل منها .
**************************************
(3)الحياة الحزبية بعد ثورة 23يوليو( تجربة التنظيم السياسى الواحد فى
            الفترة 1952ـ 1975)  [4]
     لقد أدت الثورة التى قام بها الجيش بزعامة عبد الناصر عام 1952م إلى حدوث تحولات عميقة فى نظام الحكم المصرى ويمكن وصف العهد السابق على عبد الناصر بأنه كان حكما ملكيا دستوريا ذا ميكانيزم برلمانى تنافسى يتميز بفساده وظلمه الإجتماعى والاقتصادي وفى هذه الديموقراطية الزائفة كان التركيز الأكبر يتم على إجراءات اكثر مما يتم على الأهداف المطلوبة اجتماعيا ، ولقد كانت الأحزاب السياسية الممثلة فى البرلمان عشية الثورة هى الوفد والأحرار الدستوريين والسعديون والحزب الإشتراكى بينما لم يكن هناك تمثيل للكتلة الوفدية التى تزعمها مكرم عبيد بعد إنشقاقة عن الوفد عام 1942م. وبدأ رجال الأحزاب السياسية بمباركة الثورة ، و9 سبتمبر عام 1952 صدر قانون بشان تنظيم الأحزاب السياسية ومنح الأحزاب القائمة مهلة شهر لتعيد تكوينها وفقا لأحكامه ، فقد كان هذا القانون يحظر أن يشترك فى تأسيس الحزب أو الانضمام إلية من نسب إليه من عمل من أعمال استغلال النفوذ أو الحصول على كسب غير مشروع ومن تقاضى بسبب غير مشروع مكافأة أو اجر من جهة أجنبية . وكان يتطلب فى الحزب أن يكون له برنامج يوضح ما يسعى إلية  من أهداف تتعلق بالأوضاع السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية للدولة داخليا أم خارجيا وكان ذلك يعد مطلبا ضروريا لمواجهة ما وصلت إلية حال الأحزاب والحياة السياسية فى مصر عشية الثورة من فساد ورشوة واستغلال للنفوذ وإقطاع وتطاحن بين الأحزاب حول الكراسى السياسية وحيث لم تستطيع السياسية الحزبية المصرية أن ترتفع لمستوى الأحداث والمواقف التى شهدها المجتمع المصرى آن ذاك ، وخلال المهلة التى منحت لأحزاب بدأت عملية إعادة تنظيم الصفوف وصياغة البرامج استعدادا لاستئناف برامجها وناشطها السياسى وأثناء انشغال الأحزاب بهذه العملية فضلا عن الرد على اعتراضات الحكومة أمام محكمة القضاء الإداري صدر إعلان دستورى عن القائد العام للقوات المسلحة بصفته رئيسا لحركة الجيش فى 17 يناير عام 1953 يقرر فيه حل الأحزاب السياسية ومصادرة جميع أموالها والإعلان عن فترة انتقال لمدة ثلاث سنوات لإقامة حكم ديمقراطى سليم واسند هذا الإعلان إلى سببين هما :    
1)     أن هذه الأحزاب على طريقتها القديمة وقيادتها الرجعية تمثل خطرا شديدا على كيان البلاد ومستقبلها وان الهدف الأول من أهداف الثورة هو إجلاء الأجنبي عن ارض الوطن .
2)  ولما كانت فكرة الاستقلال وإجلاء الاحتلال تغل الاهتمام الأول للثورة فقد وجهة النشاط السياسى بكاملة له وتمثل ذلك فى إنشاء هيئة التحري التى كانت بمثابة تجمع وطني يستهدف طرد المستعمر وبجلاء الاستعمار البريطانى فى 1956م فقدت هيئة التحرير سبب وجودها وأعلن عبد الناصر فى عام 1956 نهاية مرحلة الانتقال وطرح للاستفتاء الدستور الجديد وبقيت الأحزاب السياسية غير مصرح لها وبدلا من هيئة التحرير نص الدستور على تنظيم جديد هو الاتحاد القومى ليكون هو البوتقة السياسية التى ينخرط فيها الشعب بكل طبقاته .
لقد واجهت تجربة الاتحاد القومى تحديات ذات شأن مهم وبارز وقد اتصفت بالجمود بدلا من الحركية المطلوبة بالعمل الثوري وقدم عبدالناصر نقدا واضحا للتجربة وأشار فيه إلى غياب الأيديولوجية التى تقود العمل الورى والى تسلل العناصر الانتهازية ، وتبعا لذلك أسفر المؤتمر الوطن للقوى الشعبية فى 21مايو 1961م عن ظهور الميثاق الوطنى الذى مثل وثيقة أيديولوجية مهمة من زاوية التطوير السياسى والإجتماعى فى مصر .
وفى أعقاب إقرار الميثاق الوطنى نشأ الاتحاد الاشتراكي العربى وحددت المادة 3 من الإعلان الدستورى الصادر فى 24مارس 1964م حقيقة هذا الاتحاد بقولها أن الوحدة الوطنية التى يصيغها تحالف قوى الشعب الممثلة للشعب العامل وهم الفلاحون والعمال والجنود العمال والمثقفون والرأس مالية الوطنية هى التى تقيم الاتحاد الإشتراكى العربى ليكون السلطة الممثلة للشعب والدفعة لإمكانيات الثورة والحارثة على قيم الديموقراطية السليمة
وكان يكمن وراء خلق التنظيمات السياسية الثلاثة هيئة التحرير والاتحاد القومى والاتحاد الإشتراكى التى أقمتها ثورة 23 يوليو إيمان عميق بوحه وتضامن الشعب وقد أصبحت هذه الوحدة هدفا فى حد ذاته اقرب ما يكون إلى المعتقد الدينى وقد رفض النظام فى مصر مفاهيم التعدد السياسى والصراع الحزبى باعتبارهما جزءا من العملية السياسية ، وتضمن ذلك مفهومى المعارضة المنظمة والمنافسة السياسية وكان التركيز دوما على الوحدة الوطنية والتمسك والتأييد على عناصر الاتفاق السياسى .
ولقد كان المناخ مهيئا لنمو التنظيم السياسى الواحد إذ انطلق الثورة بمشروعات الإصلاحية الزراعية والاجتماعية والاقتصادية وليس من شك أن تجربة التنظيم السياسى الواحد قد ارتبطت بوضوح بموقف الثورة المعادى للاستعمار والإمبريالية والصهيونية ، بعد أن برز هذا الخطر على مصر والمنطقة العربية ، وبصدور قوانين يوليو 1961م كانت الثورة تعيش ما يمكن تسميته بربيع الاشتراكية أممت ثروات ضخمة وحصل العمال والفلاحين على نسبة 50% على الأقل فى كافة المجالس الشعبية المنتخبة وحصل العمال على نسبة فى الارباح وعلى مقاعد فى مجالس إدارة الشركات وولد القطاع العام واتجهت الدولة إلى التنمية والتصنيع وبرزت قضية الحرية السياسية وارتباطها بالحرية الاجتماعية بصورة واضحة كانت هذه التجربة تغلب جانب الحرية الاجتماعية على الحرية السياسية وبدأ واضحا أن القوة التى تسيطر على الاتحاد الإشتراكى هى التى تفرض آرائها وتصوراتها على الدولة وبمجرد تغييرها تتغير كافة المنظمات والاتجاهات وعلى الرغم من بعض الإنجازات الهامة لهذا التجربة إلا أنها كانت تعانى من مرضين أساسيين هما :
§        وجود قوانين وأوضاع تقيد الحريات العامة
§    سيطرة مجموعة بعينها من القوى الوطنية المكونة لتحالف قوى الشعب العامل على قيادة الاتحاد الإشتراكى ومؤسسات الدولة  ، وأبعادها لكل القوى الأخرى من المشاركة فى صياغة القرار وإصداره وكان واضحا أن التغيير يتم من القمة بعيدا عن القواعد والقوى المكونة للتحالف داخل الاتحاد الإشتراكى  .
على أن التناقضات التى انطوى عليها تنظيم الاتحاد الإشتراكى فضلا عن فشلة فى استيعاب وجهات النظر المختلفة نظرا لقيامة على الرأى الواحد والقرارات القومية التى لا تمثل رغبات الجماهير قد عوقت قدرة على أن يقوم بمهامه كتنظيم سياسى يحاول أن يكسب الجماهير ويحل مشاكلها بالوسائل السياسية الإدارية وذلك بحكم طبيعة الاتحاد الإشتراكى .
أن نظام عبد الناصر مع اختلافه عن الديكتاتوريات الأخرى التى ظهرت فيما بعد فى العالم العربى كانت ذا هدف موجه وتحددت الأهداف  بشكل عريض فى تأكيد الاستقلال الوطنى والعدالة الاجتماعية والتنمية ولقد استوجب ذلك النظام حدوث نتيجتين فهى من ناحية قد حال دون الاهتمام بدقة الشكليات الإجرائية إلى درجة الإهمال وعدم إقامة إطار نظامي حازم يكون أقوى من الأفراد ويستطيع البقاء بعد رحيل الزعيم ومن ناحية أخرى فانه قد استلزم حدوث توسع فى الجهاز البيروقراطي الإداري للدولة وهو الذى اخذ على عاتقه تنفيذ المهمة الأساسية للتصنيع واصبح الهدف المقصود من المشاركة الجماعية التى لها دلالتها فى العملية السياسية هو الشيء الذى كان منتظرا حدوثه بعد الإطاحة بالبناء الإجتماعى ذى الحظوة فى ظل الحكم الملكى مهملا تماما لصالح تنظيم حكم قوى ذى توجيه مركزى يعكف على تحقيق التحديث السريع .
ومن هنا يمكن أن نشير إلى بعض الملاحظات التى آخذت على التجربة الناصرية :
1)  الاعتماد على جهاز الدولة البيروقراطى فى إدارة كافة شئون التجربة دون الاهتمام بتسييس الجماهير ، ولذلك كان من السهل أن يساء إلى التجربة بمجرد انحراف الإدارة البيروقراطية وجهاز الدولة .
2)  عجز التنظيم السياسى عن أن يقدم للجماهير الإطار الذى تستطيع من خلاله أن تعبر عن آرائها وان تتمكن من المشاركة الفعلية فى التجربة والقيام بدورها الأساسي فى إقامة النظام الإشتراكى . فقد كان الاتحاد الإشتراكى تنظيما تشوبه بعض السلبيات مثل : الاتجاه إلى الأسلوب المكتبى البيروقراطى وانكماش الضمانات الديموقراطية داخل التنظيم ، كحق ممارسة النقد والنقد الذاتى وجماعية القيادة .
3)  دمج قيادة الثورة بين السلطات .وكان هذا الدمج على حساب الجهاز التنفيذي للدولة الذى سيطرت علية العناصر البيروقراطية العسكرية وبقايا الجهاز البيروقراطى القديم ، على حساب السلطة التشريعية والسلطة القضائية .
4)  الانحراف عن المبادئ الأساسية للثورة لدى بعض التيارات والقوى ، ولقد أدت هذه الانحرافات إلى خلق وتدعيم نشاط العناصر المضادة للثورة التى وجدت الفرصة السانحة للتخريب على النظام بعد عام 1967م
5)  الخلط والتزييف فى بعض المصطلحات مثل مفهوم الاستغلال وقضية التوفيق بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة ، وفكرة الرأسمالية غير المستغلة ودور الطبقة المتوسطة فى النظام الإشتراكى . ففى كل الحالات تظل عناصر هذه الطبقة وسطية توفيقية فى قيمها وفى إطارها الفكرى وممارستها العملية ، فإذا قيض لها أن تقود المجتمع فإن هذه الوسطية تعكس نفسها على القرارات والمواقف التى تتخذها خصوصا فيما يتعلق بالقضية الاجتماعية .
6)  عكست أزمة الديمقراطية الناصرية ضراوة الثغرة المزدوجة بين تحرير الأرض من ناحية وتحرير الإنسان من ناحية أخرى وبين خطة التنمية الاقتصادية من جهة والتنمية ،الثقافة من ناحية أخرى .
ومن هنا يمكن القول أن الناصرية عبارة عن أيديولوجية سياسية لم يضعها الزعيم نفسة ولكن المنظرون الذين سعوا إلى إضفاء نوع من الاستمرارية الأيديولوجية على قراراته التى يصدرها لأغراض خاصة ، كما أن البناءات السياسية التى حاول عبدالناصر أن يخلقها قد تعثرت لأنها كانت تفتقر إلى الروابط الأفقية بين الأفراد ، فالاشتراكية لايمكن بناؤها دون وجود اشتراكيين ، ولان الناصرية كانت تنتهج الفكر السياسى الغربى وفعلة اكثر ما كانت تأخذ بالتجربة المصرية ، فقد ظلت مجرد أيديولوجية شكلية ، فهى لم تستطع أن تكون دليلا عمليا للفعل قبل أن يتمكن الذين أيدوها ودافعوا عنها من استيعاب طبيعة الترابط والاقتران السياسى فى مصر ، وذلك لان الروابط الأساسية التى تضم المصريين معا فى نشاط سياسى مشترك هى الروابط التى توطد الصلة بين التابعين وأصحاب الوصاية . والروابط الأفقية الموجودة فعلا تسمح بظهور الشكل والتحزبات ولكن ليس بظهور تنظيمات سياسية جمعية فعالة .
لقد أدت هزيمة يونيو 1967م إلى أحداث تغييرات عميقة فى بنية النظام السياسى ، ثم تلاها رحيل عبد الناصر فى 28 سبتمبر 1970 ثم حركة 15 مايو التى قادها السادات من اجل تصفية ما أسماه " بمراكز القوى " وإعادة بناء الاتحاد الإشتراكى ، وصدور دستور 1974م الذى استند إلى دعامتين هما سيادة القانون ، ودولة المؤسسات . وفى أغسطس 1974م قدم الرئيس السادات ورقة تطوير الاتحاد الإشتراكى لكي يكون إطارا فعالا لتحالف قوى الشعب ...... وكانت هذه الصورة التى وضعت للأخذ بتعدد الآراء والاتجاهات ، والذى عبرت عنه فكرة قيام المنابر داخل إطار التحالف . إلا أن الأحداث تتابعت فألغى شرط العضوية العاملة فى الاتحاد الإشتراكى إلغاء كاملا بحيث اصبح ممكنا أن يكون هناك أعضاء فى مجلس الشعب وليسوا أعضاء فى الاتحاد الإشتراكى . 
********************************
الحياة الحزبية فى الفترة ( 1975 ـ  إلى ثورة 25 يناير 2011م ) [5]
لقد تميزت الفترة السابقة بتتابع ثلاثة تنظيمات سياسية على مصر منذ قرار إلغاء الأحزاب عام 1953م وحتى قرار عودتها فى 1976م هى هيئة التحرير ثم الاتحاد القومى فالاتحاد الإشتراكى العربى . وكانت السمة الأساسية لهذه التنظيمات جميعها هو اتساعها لتضم الهيئة الناخبة بأكملها حيث أضحت قيم ديموقراطية مثل المنافسة واحترام الرأى الآخر أمرا مرفوضا وفقا لمفهوم الديموقراطية كما تبنتها الثورة بل أن تعدد الآراء حتى فى إطار التنظيم السياسى الواحد لم يكن مباحا أيضا وسادت قناعته بان المشاركة السياسية هى المرادف لتعبئة الجماهير وحشدهم حول الأهداف القومية والسياسات العامة للنظام كما يوضحها التنظيم السياسى وهكذا تربى جيل جديد على مفاهيم للديموقراطية والمشاركة السياسية بعيدة عن المبادئ الضامنة لهذه العملية وغابت واقعا الأطر التنظيمية التى تسمح بالمشاركة السياسية الحقيقية والتى تعمل كقنوات للتعبير عن المطالب وتمثيل التيارات السياسية المختلفة فإضطرت التيارات المخالفة مع غياب القنوات الشرعية للتعبير عن آرائها أن تدخل سراديب العمل السري  .
بالإضافة إلى غياب المنافسة السياسية برزت سمة أخرى من سمات العمل السياسى فى المجتمع المصرى فى هذه الحقبة غياب الديموقراطية عن النظام واقعا وهى سيادة خلل واضح فى العلاقة بين السلطات كان من ابرز صورة رجحان كفة السلطة التنفيذية فى مواجهة السلطة التشريعية وكذلك تكريس سلطات ضخمة فى يد مؤسسة الرئاسة وكذا تحكم التنظيم السياسى الواحد فى الحياة البرلمانية فبعد قرار إلغاء دستور 1923م والصادر فى 10 ديسمبر 1952م صدر إعلان دستورى فى فبراير 1953م تسلم بمقتضاه مجلس قيادة الثورة السلطة العليا فى البلاد ووضعت فى يد مجلس الوزراء ليس فقط السلطة التنفيذية بل أيضا السلطة التشريعية أيضا وفى يناير 1956م صدر دستور لمصر مؤقت أعطى الرئيس سلطات واسعة لا يوازيها شئ ثم وسعت هذه السلطات بصورة أوضح فى دستور مارس 1958م أما ابرز مظاهر خلل التوازن بين السلطات وعدم احترام مبدأ الفصل بينها هو النص الدستورى على أن يتولى الاتحاد القومى والاتحاد الاشتراكي من بعده عملية الترشيح لعضوية مجلس الأمة رغم أن التنظيم السياسى كان يشكل بالتعيين من قبل السلطة التنفيذية وتكرس الخلل مع إنشاء الاتحاد الإشتراكى الذى نص قانونه على انه مناط به مهمة الرقابة وهى وظيفة أصلية للبرلمان الذى حجم دورة وفقا لهذا القانون فكان مقصورا على القيام بتنفيذ السياسة التى يرسمها الاتحاد الإشتراكى وهكذا الحق البرلمان عملا بجهاز الدولة وهو المفترض فيه أن يكون ممثلا للشعب فى مواجهة الحكومة فكان يحل أحيانا ويعطل سنوات أخرى بل ويعين أعضاؤه فى حين ثالث ذلك كله حسبما يتراءى لمؤسسة الرئاسة .
كذلك لعبت القوانين والقرارات الخاصة بالانتخابات دورها فى تأكيد سطوة السلطة التنفيذية وفى تكريس عدم التوازن بين السلطات ففى عام 1956م صدر قرار للانتخابات فتح بابا واسعا لإمكانية انتهاك نزاهة أية انتخابات تجرى فى ظله حيث أباح أوضاع يستحيل معها فرض الرقابة القضائية على العملية الانتخابية لضمان نزاهتها .
وهكذا استخدم نظام الانتخابات كأداة لإضفاء شرعية قانونية على ظاهرت الاستبعاد السياسى لصالح السلطة التنفيذية بل وتم تضمين ذات القوانين المنظمة للعملية الانتخابية مواد تنص صراحة على استبعاد فئات بعينها وحرمانها من ممارسة حقها فى المشاركة السياسية .
يتضح مما سبق انه بالرغم من الوجود الدائم ومنذ الشهور الأولى للثورة لتنظيم سياسى يضم الشعب بمختلف فئاته ورغم تركيز الخطاب السياسى على أن الشكل التنظيمي يمثل أروع صور المشاركة السياسية وافضل نماذج الممارسة الديموقراطية إلا أن الحياة السياسية فى مصر عانت فى هذه المرحة من أزمة مشاركة حادة انفجرت بصورة عنيفة بعد هزيمة يونيو 1967م فى شكل مظاهرات طلابية فى فبراير ونوفمبر 1968م فكان بيان 30 مارس 1968م الذى أشار إلى اوجه قصور عدة فى الاتحاد الإشتراكى عزها فى أحد أسبابها إلى التعيين كأسلوب لاكتساب عضوية التنظيم فأقر البيان من ثم أهمية الانتخاب الحر وأكد على ضرورة إدخال بعض التعديلات التى تهدف إلى تحويل المجتمع إلى مجتمع مفتوح تتاح فيه فرص التعبير للرأى الآخر .
ورغم هذا الإعلان الصريح عن ضرورة التخلى عن بعض الشعارات التى ظلت مرفوعة لأكثر من خمسة عشر عاما إلا انه فى الواقع العملى لم يسفر عن شئ ملموس حتى وفاة عبد الناصر وتولى السادات ، فعقد السبعينيات شهد تحولات عميقة فى التفاعلات الاقتصادية والتوازنات الاجتماعية والعلاقات الخارجية للمجتمع المصرى مهد ثم فرضت إجراء تحولات سياسية جذرية على الصعيد الداخلى اقترابا من المفاهيم الديموقراطية ورغم أن الظروف التى دفعت السادات إلى إضفاء بعض الرتوش الديمقراطية على وجه النظام كانت قوية إلا انه كان حريصا على أن يتم هذا الانتقال بصورة تدريجية وذلك لعمق مخالفة التوجهات التى كان يزمع الآخذ بها لما كان سائدا فى الفترة السابقة على حكمة .
ففى بداية حكمة نجده يطرح شعارين هما من أهم دعائم النظام الديمقراطي دولة المؤسسات وسيادة القانون ، فبعد نجاحه فى إزاحة العناصر المعارضة من مواقع المسئولية فى مايو 1971م اصدر قرار فى نفس الشهر بالإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين بما فيهم الإخوان المسلمون وفى يونيو من نفس العام اصدر القانون 34 واتبعه بمجموعة من القرارات المكملة بهدف تصفية الحراسات ثم صدر القانون 23 عام 1927م ليحد من ظاهرت الاستبعاد السياسى عندما لمن وصفوا قبلا بأعداء الثورة وهم الذين خضعوا لقانون الإصلاح الزراعى وللحراسة بدخول المؤسسات السياسية والمشاركة فى العمل السياسى ثم تأكيدا للشرعية الدستورية اصدر دستورا دائما لمصر عام 1971م ولكن تجدر الإشارة إلى أن هذا الدستور لم يدخل فى حينه أي تعديل جوهري على شكل النظام السياسى لا من حيث هيمنة مؤسسة الرئاسة والسلطة التنفيذية ولا من حيث فلسفة التنظيم الواحد والواقع انه لم تأت أو خطوة عملية نحو إجراء التحول الديموقراطي إلا فى ورقة أكتوبر الصادرة فى أبريل 1974م والتى رغم إقرارها مفهوم التحالف كإطار يضمن الوحدة الوطنية إلا أنها أكدت على ضرورة أن تكون هناك فرصة متاحة من خلال صيغة التحالف تلك لكل قوة كى تعبر عن آرائها على أن تتبنى الدولة الاتجاه الذى يحظى بتأييد الأغلبية وإذا كان الرئيس السادات قد ظل حتى عام 1974م يؤكد على تمسكه بصيغة قوى الشعب العامل بصفتها افضل صيغة تحقق الديموقراطية الحقيقية فإنه كان قد بدأ يلمح خاصة بعد حرب 1973م عن حاجة الاتحاد الإشتراكى إلى تطوير عميق وفى أغسطس 1974م اصدر السادات ورقة تطوير الاتحاد الإشتراكى معلنا أن هدف التطوير هو أن يصبح التنظيم ممثلا حقيقيا لكافة التيارات حتى تشعر كافة الاتجاهات بأنها تشارك مما يقوى من شعورها بالانتماء .
وكان صدور هذه الورقة مناسبة لقيام حوار واسع فى المجتمع المصرى حول أيديولوجية الإجماع السياسى ولقد لخصت لجنة برئاسة الدكتور رفعت المحجوب اتجاهات هذا الحوار فى تقرير انتهى فى يوليو 1975م إلى إن الجانب الأعظم من الرأى العام المصرى ( الفلاحين والعمال والشباب والتنظيم النسائي ببقاء الاتحاد الإشتراكى باعتباره ممثلا للوحدة الوطنية ويرفض مفهوم تعدد الأحزاب الذى دعا إلية المثقفون ورجال الفكر وأعضاء النقابات المهنية مع التأكيد على ضرورة تطويره تطويرا ديموقراطيا ومن ثم قد أوصى التقرير بإقامة منابر تعبر عن الاتجاهات المتعددة داخل الاتحاد الإشتراكى فصدر قرار المؤتمر القومى العام الثالث للاتحاد الإشتراكى فى يوليو 1975م بإنشاء منابر داخل الاتحاد الإشتراكى تكون منابر للرأى مع التأكيد على ضرورة عدم المساس بالالتزام بصيغة التحالف كتعبير عن الوحدة الوطنية وترتيبا على هذا القرار قام السادات بتعيين لجنة مستقبل العمل السياسى فى يناير 1976م بدراسة موضوع المنابر ومدى إمكانية قيامها بدور فى دعم الديموقراطية واثر ذلك على مستقبل العمل السياسى أسفرت مناقشات اللجنة عن بروز أربعة اتجاهات أولها يسمح بإقامة منابر داخل وثانيها يطالب بعدم الاكتفاء بصيغة المنابر ويرى ضرورة السماح بإقامة أحزاب سياسية وثالثها يؤكد على صيغة الاتحاد الإشتراكى ولا يسمح إلا بإقامة منابر ثابتة داخله أما رابعها فرغم تمسكه بالاتحاد الإشتراكى إلا انه يسمح بان تكون المنابر داخله متحركة ، والاتجاه الذى مثل الأغلبية فى لجنة مستقبل العمل السياسى هو الذى تمسك بالاتحاد الإشتراكى ولم يسمح إلا بمنابر ثابتة داخله على احسن تقدير وحذر بشدة من أي صيغة أخرى خاصة صيغة تعدد الأحزاب . وبصفة عامه يمكن تلخيص الحياة الحزبية خلال هذه الحقبة حتى الآن فى النقاط التاليــــــــــــــــــة :ـ
ý  قرر السادات فى مارس 1976م بالسماح بقيام ثلاثة منابر فقط تحولت بعد ذلك إلى تنظيمات تعمل فى إطار الاتحاد الإشتراكى وهى تنظيم الأحرار الاشتراكيين لتمثيل اليمين وتنظيم مصر العربى الإشتراكى لتمثيل الوسط وتنظيم التجمع الوطنى التقدمى الوحدوي لتمثيل اليسار ن وخاضت هذه المنابر بالفعل انتخابات مجلس الشعب لعام 1976م ثم أعلن السادات منفردا فى أول اجتماع لمجلس الشعب بعد هذه الانتخابات فى 11 نوفمبر 1976م قرار تحويل المنابر الثلاثة إلى أحزاب آذانا بعودة التعددية الحزبية كأحد أهم المظاهر التنظيمية للعملية الديموقراطية ، ولكن يلاحظ إن قرار السادات بإنشاء منابر داخل الاتحاد الإشتراكى كان خطوة واضحة نحو التعددية الحزبية قياسا ما كان سائدا فى فترة الحكم السابق ، إلا أنها كانت خطوة مترددة فهذه " التعددية " ولدت مقيدة ذلك أن من بين أربعين طلب قدمت لإنشاء منابر للرأى داخل الاتحاد الإشتراكى لم تقبل اللجنة المسئولة عن إصلاح الاتحاد الإشتراكى سوى ثلاثة طلبات فقط .    وإضافة إلى هذا فقد فرض على هذه المنابر الثلاثة الالتزام فى عملها السياسى بتوخي ثلاثة مبادئ لا يجوز الخروج عليها أو تبنى غيرها وهى مبادئ الوحدة الوطنية والمكاسب الاشتراكية والسلام الإجتماعى أم الوثبة الواضحة نحو توسيع المشاركة السياسية ونعنى بها قرار التحول عن تبنى مبدأ الإجماع السياسى من خلال التنظيم الواحد إلى مبدأ التعددية السياسية بالسماح بقيام نظام التعدد الحزب والتى ظهرت عند قيام الرئيس السادات بإصدار قرار منفردا بتحويل منابر اليمين والوسط واليسار إلى أحزاب ولكن يبدوا أن قراره لم يكن يهدف إلى اكثر من إقامة نوع من التوزيع الوظيفى الذى يخدم الحزب الحاكم ( حزب الوسط) بحيث تصبح وظيفية حزب اليمين هى اكتشاف المدى الممكن للتحول نحو اليمين ووظيفة حزب اليسار هى أن يتجنب الحكومة مسئولية ما قد يترتب على التحول نحو اليمين من خلل فى البنية الاجتماعية ولان خلق قنوات للمشاركة السياسية الحقيقية لم يكن هو المقصود عند إنشاء تجربة التعددية فقد بدأت إرهاصات التوتر عندما وضحت نية حزب اليسار فى أن يمارس دورة بوصفة حزب معارضة حقيقيا رافضا أن يبقى فى إسار الوظيفة التى أرادتها له السلطة خاصة عندما نجح فى إجتذاب عناصر كثيرة من الناصريين والقوميين ولم يستمر حزبا للماركسيين كما أرادت له الحكومة وكانت انتفاضة 18،19 يناير هى الحدث الذى فجر الأزمة ففى أول تحدى حقيقي لتجربة التعددية حيث اتهمت الحكومة حزب التجمع بإشعال الانتفاضة واتخذت السلطة مجموعة من الخطوات هدفت جميعها إلى خنق الحرية السياسية وكبت الرأى الآخر والتضييق على تجربة التعددية ففى الشهر التالى مباشرة لأحداث الانتفاضة صدر القانون المعروف باسم قانون حماية الوحدة الوطنية والسلام الإجتماعى .
 وفى يونيو من نقس عام الإنتفاضة صدر قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لعام 1977م بعد سبعة اشهر من تحويل المنابر إلى أحزاب والظروف التى صدر فيها هذا القانون تصفة فى سلسلة القوانين المقيدة لتجربة التعددية اكثر من كونه منظما لها حيث وضع شروطا صارمة لممارسة الحزبية كانت ترمى إلى تضيق فرص ظهور أحزاب جديده فلقد اشترط القانون مثلا ضرورة وجود 20 نائبا للحزب داخل البرلمان حتى يصدر قرار بإنشاؤة وبالرغم من أن القانون قد ظهر بعد إن كان البرلمان قد انتخب بالفعل وبالتالى فإن هذا الشرط عد فى حينه قيدا مجحفا يحد من حرية تشكيل الأحزاب هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فان هذا القانون اشترط عملا على أي حزب يريد أن يحصل على شرعية الممارسة أن يتمسك بالمبادئ الأساسية التى يعتنقها النظام السياسى وذلك حين نص على تشكيل لجنة البت فى تشكيل الأحزاب من أمين اللجنة المركزية للاتحاد الإشتراكى ووزير الداخلية ووزير العدل والوزير المختص بالتنظيمات الشعبية وثلاثة من رؤساء الهيئات القضائية أو نوابهم حيث أضحى لامين اللجنة المركزية وفقا لهذا القانون حق البت فى إنشاء الأحزاب الجديدة وأيضا حق حل أي حزب قائم وتصفية أمواله عن طريق استصداره حكما من القضاء الإداري يدين قيادات الحزب بالإخلال بالوحدة الوطنية أو بتحالف قوى الشعب العامل أو بالسلام الإجتماعى أو بالنظام الإشتراكى الديموقراطى ولقد قامت لجنة الأحزاب بالمهمة التى أنشأت من اجلها حيث لم توافق على إنشاء أي حزب جديد باستثناء أحزاب الطليعة الوفدية والجبهة الوطنية والحزب الوطنى الجديد ( فترة السادات ) كذا حزب الخضر المصرى والحزب الديموقراطى الناصرى وحزب الاتحاد الديموقراطي وحزب مصر الفتاه الجديدة ( فترة حسنى مبارك ) .
وإضافة إلى هذا لخلل فى طبيعة نشأة قانون الأحزاب والمتمثل فى انه صدر فى مناسبة معينه ولمواجهة موقف محدد حيث يؤكد بعض المحللين انه فصل خصيصا لضرب حزب التجمع بإدانة قياداته التى كان قد ألقى القبض عليها بعد أحداث انتفاضة 1977م وبالإضافة إلى هذا فإن هذا القانون جسد خللا دستوريا هو مخالفته التامة لمنطق العام لدستور 1971م والذى كان يفترض قيام النظام السياسى المصرى على مفهوم التنظيم السياسى الواحد وذلك فى مادته الخامسة والتى لم تعدل حتى عام 1980 وهو ما جعل العديد من القانونيين يؤكد على عدم دستورية قانون الأحزاب .
وإذا كانت لجنة البت فى قيام الأحزاب قد وافقت فى فبراير 1978م على طلب إنشاء حزب الوفد الجديد بعد أن ظلت الأحزاب الثلاثة التى أنشئها قرار السادات تتصارع وحدها على الساحة منذ نهايات 1976م إلا أن مبادرة الرئيس السادات كانت ضرورية لإنشاء هذا الحزب " حزب الوفد الجديد " أملا أن يكسبه بذلك إلى صف الحزب الحاكم مما يزيد من تهميش قوى اليسار ولما لم ينجح فى ذلك استصدرت السلطة القانون رقم 33 لعام 1978م وهو قانون حماية الجبهة الداخلية والسلام الإجتماعى والذى حظر على كل من تسبب فى إفساد الحياة السياسية قبل الثورة الانتماء إلى الأحزاب وهو ما عرف بقانون العزل. ونتيجة لقانون العزل السياسى دخلت تجربة التعددية منزلقا خطيرا حيث قرر حزب الوفد الجديد تجميد نشاطه احتجاجا وتبعه حزب التجمع الذى حصر أنشطته داخل مقار الحزب وأوقف إصدار جريدته " الأهالي " بعد أن تعرضت هى ونشرته الداخلية لمصادرات متكررة.  ثم جاءت خطوة أخرى لعرقلة مسيرة التعددية فى غضون عام واحد من الخطوة السابقة عندما تم تعديل قانون الأحزاب رقم 40 لعام 1977م بالقانون رقم 36 لعام 1979م بحيث تضمنت المادة (4) من قيودا صارمة على تكوين الأحزاب تجعل تأسيس أحزاب جديده ، أو حتى استمرار القائم منها ،أمرا شبه مستحيل . فلقد حظرت المادة (4) أعاده تكوين الأحزاب التى كانت موجودة قبل ثورة يوليو 1952 باستثناء الحزب الوطنى والحزب الإشتراكى . ثم أنها حظرت أن يكون من بين مؤسسي الحزب أو قياداته من أن تقوم أدلة جادة على قيامه بالدعوة إلى أو الترويج لمبادئ تخالف ثورتي 1952م و1971م أو تتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية أو الوحدة الوطنية أو السلام الإجتماعى أو النظام الإشتراكى الديموقراطى أو معاهدة السلام مع إسرائيل . ومؤدى هذه المادة هو إن السلطة التنفيذية اصبح لها سلطة الحجر على حق صاحب الرأى فى أن يشارك سياسيا فالمحظورات بها كانت تطول حزب الوفد وتخنق أي فرصة لإمكانية تحول حركة الإخوان المسلمين أو أي تيار ديني غير إسلامي إلى حزب سياسى ، وتمنع قيام حزب شيوعى أو حزب ناصري يتمتعان بالشرعية . كما أنها أظهرت بوضوح أن الدولة تضع حدودا واضحة للعمل الحزبى من أهمها أنها لا تقبل إلا أن تكون هى الفاعل الوحيد خاصة فى مجال السياسية الخارجية وأنها لا تقبل خلافا ولا معارضة لها لما تحدده من أهداف وتتخذه من قرارات فى هذا المجال .
نخلص مما سبق إلى أنه رغم تبنى نظام السادات للتعددية السياسية إلا أن نطاقها بدأ محدودا وتزايدت محدود يته باستمرار حتى أضحى النظام اقرب ألي نظام الحزب الواحد منه إلى نظام التعدد الحزبى نتيجة هيمنة حزب الحكومة على معظم مقاعد البرلمان وعلى وسائل الإعلام . ولقد أدى ذلك إلى تقزيم الأحزاب المسموح بنشاطها قانونا وتهميش كل تأثير لها وتحجيم البدائل التى تطرحها الضغط على ممثليها فى البرلمان إن وجدوا .         
ý  أما عهد الرئيس " محمد حسنى مبارك " الذى إستهله بخطوة واضحة اتجاه التعددية حين افرج عن المعتقلين الذين شملتهم قرارات سبتمبر 1981م وقابل زعماء المعارضة فور خروجهم من السجن فى إشارة إلى تقبله وجود المعارضة على الساحة ، إلا أن بعض خيارات النظام رغم إمكانية تقيم مبررات لها مازالت تثير علامات استفهام حول مدى جدية تجربة التعددية . ومن هذه الخيارات موافقة الرئيس مبارك على انتخابه رئيسا للحزب الوطنى بعد أن كان قد تم الاستفتاء علية كرئيس للدولة . ولقد استمر يجمع بين الرئاسيتين حتى اليوم مع ما يرد على هذا الجمع من مآخذ .
أما الخيار الثانى فكان الإبقاء على كافة المؤسسات التى قامت والقوانين التى صدرت فى عهد السادات بقصد تحجيم المعارضة وتقييد حريتها هذا بالرغم من أن ممارسات السلطة أظهرت محدودية لجوء النظام فى فترة الرئيس مبارك إلى الإستخدام الفعلى لهذه المؤسسات والقوانين إلا أن مجرد وجودها يتنافى مع المحتوى الحقيقى لمفاهيم المشاركة والتعددية خاصة أنه لم تنعدم حالات اللجوء إليها ولعل هذا هو السبب الذى دفع قوى المعارضة للإعلان المستمر وبكافة الصور عن رفضها لاستمرار هذه القوانين والمؤسسات بوضعها قيودا تعوق التنامى الطبيعي للديموقراطية التعددية .  فهناك على سبيل المثال قانون الطوارئ الذى يحدد العمل به كلما انتهت فترة نفاذه التى وافق عليها مجلس الشعب ورغم تصريح المسئولين أن الهدف منه بالتحديد مواجهة أعمال التطرف التى تشكل خطرا على أمن الدولة إلا أن أحزاب المعارضة تعتبره سلاحا موجها لها بصورة أساسية بفرض الحجر على حريتها فى التعبير ولإعاقة حركتها وحقها فى الإتصال بالجماهير . ثم أن هناك أيضا قانون الأحزاب الذى ترفضه القوى المعارضة على اساس ان نصوصه البالغة الضيق والصرامة فى تحديد شروط العمل الحزبى الشرعي تكاد تكون مصممة بحيث تجعل العمل الحزبى قاصرا على تيارات بعينها محدودة فى عددها تختارها لجنة شئون الأحزاب ، وهى اللجنة التى يغلب عليها الطابع السياسى حيث يسيطر عليها الحزب الوطنى
وكان نتيجة إستمرار القوانين والمؤسسات الموروثة من عهد السادات والتى أنشئت وصدرت فى عجالة وصممت لأغراض محددة ومصالح مرحلية ضيقة بل واللجوء إليها أحيانا ووضوح قناعة السلطة الحاكمة بأن المصلحة الوطنية لا تحمل طرح موضوع معين تعديل القوانين والنصوص الدستورية فى الوقت الراهن . أ ن لجأت العديد من القوى السياسية إلى القضاء تطعن فى عدم دستورية العديد من القوانين مثل قانون العزل السياسى والذى صدر حكم بعدم دستوريته فى 21/6/1986 وقانون الإنتخاب بالقائمة الذى صدر حكم بعدم دستوريته فى 16/5/1987 وكذا الدعوى بعدم دستورية بعض بنود قانون الأحزاب والتى مازالت منظورة أمام القضاء إلى الآن .
وبصفة عامة يمكن أن نخلص من تلك الفترة أن الحكومة قد تخلت عن أسلوب المواجهة العنيفة السافرة مع القوى المعارضة ولجأت إلى أسلوب إحالة المعارضة إلى القضاء تحتكم إلية فيما تظن انه حق لها . ومع الاستقلالية النسبية التى تمتعت بها السلطة القضائية خاصة فى النصف الثانى من الثمانينيات أضحى هذا الأسلوب دعما للحياة السياسية الحزبية يضيف إلى رصيدها حيث صدرت أحكام قضائية لصالح العديد من الأحزاب تمنحها صك الشرعية السياسية ، وكذا صدرت أحكام قضائية لصالح العديد من الأحزاب تمنحها صك الشرعية السياسية ، وكذا صدرت أحكام عدة بعدم دستورية العديد من القوانين المقيدة للحياة السياسية .ورغم هذا فهناك من يرى ان أسلوب إلجاء المعارضة إلى القضاء تحتكم إلية ما هو إلا سلاح تستخدمه السلطة الحاكمة لإدارة تجربة التعددية بما يمكنها من تحجيمها داخل حدود معينه . فإلجاء النظام للقوى المعارضة للقضاء هو فى النهاية إهدار لحقها السياسى لأنه يضطرها للانتظار سنوات للحصول على هذا الحق .        
** وبصفة عامة يمكن تلخيص الحياة الحزبية فى مصر فى الفترة ( 1975 ـ  إلى الآن ) بما يمثلها من تعددية حزبية فى العرض التالي والذى من خلاله سنوضح الأحزاب التى ظهرت خلال تلك المرحلة وذلك وفقا لاتجاهاتها العامة وتقسيمها حسب المصطلحات السياسية المتعـــارف عليهــا ( يســار – وســـط – يميـــن ) كما يلى [6]
1)  منذ قرار تقسيم الاتحاد الإشتراكى إلى ثلاثة منابر سياسية تمثل اليسار والوسط واليمين ثم تحويلها إلى أحزاب سياسية هى حزب مر العربى الإشتراكى ( الوسط ) حزب التجمع التقدمى الوحدوي ( اليسار ) وحزب الأحرار الاشتراكيين ( اليمين ) ثم نمت الأحزاب السياسية إلى أن أصبحت أربعة عشر حزب هى :
§        الحزب الوطنى الديموقراطي
§        حزب الأمة
§        حزب التجمع التقدمى الوحدوي
§        حزب مصر العربى الإشتراكى .
§        حزب الأحرار
§        حزب الاتحاد الديموقراطي
§        حزب العمل
§        حزب مصر الفتاه
§        حزب الوفد الجديد
§        الحزب العربى الديموقراطي الناصرى
§        حزب العدالة الاجتماعية
§        حزب التكامل
§        حزب الخضر
§        حزب الشعب الديموقراطي
2)     يمكن تقسيم الأحزاب السابقة طبقا للمصطلحات السياسية المتعارف عليها كالتالى :
§        الحزب الوطنى الديموقراطي وهو حزب الأغلبية يعتبر حزب الوسط
§        حزب الوفد الجديد وهو يمثل أحزاب المعارضة يعتبر حزب يمين
§        حزب التجمع التقدمى الوحدوي  يعبر حزب يسار
§        حزب العمل يعتبر من اشد أحزاب اليسار وقد تحول فيما بعد لحزب إسلامي واسع
§        حزب الأحرار : يعتبر حزبا يمينيا
§        حزب الأمة يعتبر حزبا متطرفا يمينيا يعتمد فى تكوينه على علاقة الأسرة 
** و فيما يلى سنتناول بالتوضيح بعض هذه الأحزاب والتى تعبر عن الاتجاهات المختلفة فى مصر مع العلم بوجود جماعات ضاغطة تمثلها جماعة " الأخوان المسلمين " وبعض الجماعات الإسلامية الأخرى والتى سبق توضيحها فى فترات سابقة :
§        الحزب الوطنى الديموقراطي :
قام فى أغسطس سنة 1978م الموافقة 10 رمضان عام 1395هـ تحت رئاسة الراحل الرئيس محمد أنور السادات .  وتتمثل المبادئ الأيديولوجية التى تحدد مواقف الحزب الفكرى وتحكم طبيعته ومنهج تفكيره فى 3 مقومات هى :
1)     الإيمان العميق والراسخ بالقيم الدينية والروحية
2)     الإيمان الهادف بالقومية العربية وما تمثله من تضامن وقوة .
3)     الإيمان الواعى بقيم ومبادئ الإشتراكية الديموقراطية ، وما ترتكز عليه من دعامة اقتصادية وسياسية واجتماعية وخلقية .
** من أهم ملامح برنامجه :ـ
1)     نظام الحكم : واهم ما جاء فيه :
v  ضرورة الاحترام الكامل للدستور الدائم وعدم المساس به إلا أذا اقتضت الضرورة تعديل بعض أحكامه تحقيقا للاستقرار السياسى .
v     تدعيم استقلال القضاء وتوفير كافة الضمانات المادية والأدبية له .
v     فتح الحوار بين الأحزاب المختلفة لممارسة حق النقد الذاتى بدون تعريض الوحدة الوطنية والسلام الإجتماعى للخطر .
2)     قضية الديموقراطية :
** يرى الحزب أن الديموقراطية تقوم على 3 عناصر أساسية هى :
v     ان يكون الحكم هو حكم الشعب .
v     ان يكون الحكم بالشعب
v     ان يكون الحكم لصالح الشعب
** ومن هنا فإن الحزب يؤمن بحق تكوين الأحزاب والتنظيمات السياسية والنقابات على ان تتفق برامجها ومذاهبها مع فكرة النظام العام .
3)     السياسة الخارجية : واهم ما تضمنته :
v     التأكيد على إلتزام مصر بمبدأ الشرعية الدولية و أحكام القانون
v     التأكيد على أن المفاوضات هى الوسيلة المثلى لتحقيق التسوية السلمية للمنازعات الدولية .
v     ترحيب الحزب بالصداقة مع دول العالم ، وجميع الشعوب ودول العالم المتفهم لقضيتنا الدولية والساعية للسلام .
4)     السياسة الاقتصادية والإنتاجية : واهم ما تضمنته :
v     الأخذ بأسلوب التخطيط الذى يكفل إحداث التنمية
v     زيادة التعاون والتكامل بين القطاعين العام والخاص
v     الاهتمام بالبعد الإجتماعى والحرص عليه
v     توسيع قاعدة الملكية
v  العمل على زيادة الصادرات عن طريق زيادة الإنتاج وتوفير فائض للتصدير مع ضرورة إعادة النظر فى هيكل أجهزة التجارة الخارجية وتوفير إمكانات التمويل عن طريق الموارد المختلفة لتشجيع الصادرات  
5)     سياسة القوى العاملة / واهم ما جاء فيها :
v     إعادة النظر فى هيكل الأجور ونظامه بحيث يرتبط الأجر بالإنتاج والوظيفة وليس الشهادة
v     الالتزام بسياسة حاسمة لعلاج ظاهرة التسيب وضعف الإنتاج
v     التوسع فى مراكز التدريب الفنى والمهنى
6)     التعليم والبحث العلمى : واهم ما جاء فيه :
v  التأكيد على مبدأ الإلزام إلى 9 سنوات فى ظل الصياغة الجديدة للتعليم الأساسي الذى يجمع بين الدراسات النظرية والعملية والبيئية
v     تطوير التعليم الثانوى العام ليعد الطالب للتعليم الجامعى والعالى وفى نفس الوقت يؤهله لمواجهة الحياة العامة
v     العمل على توفير خدمات التغذية والرعاية الصحية والتوجيه التربوى والإرشاد النفس
v  التأكيد على محو الأمية بمفهومها الشامل لامية القراءة والكتابة والأمية الثقافية والمهنية مسئولية قومية يجب أن يضطلع  بها مختلف الهيئات والأحزاب والنقابات والتنظيمات الشعبية وفقا لخطة قومية تحدد دور كلا من هذه المؤسسات
v     تحديث وتنوير التعليم ليواكب تطورات العصر
7)     الدفاع والأمن القومى : واهم ما جاء فيه :
v     ضرورة تطوير القوات المسلحة وتنويع مصادر السلاح واعتبار القوات المسلحة هى الدرع الواقى للوطن
v     عدم إغفال دور القوات المسلحة فى مجالات كثير مثل مشروعات الأمن الغذائى
8)     الزراعة والأمن الغذائى  : واهم ما جاء فيه :
يرى الحزب ضرورة رسم استراتيجية للتنمية تعتمد على الأسس التالية :
v     تحديد أهداف التنمية الزراعية
v     الثروة الخضراء
v     اقتصار دور الدولة فى الزراعة على الإرشاد والتوجيه
v     تحديث الزراعة باستخدام ارفع أنواع التكنولوجيا
9)     الرعاية الصحية : واهم ما جاء فيه :
v     التوسع فى الخدمات الوقائية وخدمات الصحة العامة وحماية البيئة ورعاية الطفولة
v     الارتقاء بنوعية الخدمات الريفية واعتبارها مدخلا لتنمية المجتمع
v     مجانية الخدمات الوقائية وخدمات الطوارئ
v     الاهتمام بالتثقيف الصحى لمختلف المستويات الثقافية والحضارية بالمجتمع
v  التوسع فى الخدمات التأمينية الصحية والعمل على تعدد أنماطها لتلائم احتياجات مختلف قطاعات الشعب والاستمرار فى رفع كفاءة الأداء فيها
v     تعتبر المشكلة السكانية فى مقدمة المشاكل القومية ويرى ضرورة وضع خطة استراتيجية لتنظيم الأسرة والتوزيع السكانى
v     يهتم بضرورة وضع خريطة صحية قومية توضح حجم المشكلة لكل مرض مع التركيز على الأمراض المعدية
10)     الشباب : واهم ما جاء فيه :
v     ضرورة مشاركة الشباب بشكل جاد وإيجابي فى العمل العام ملتزما بمجتمعه ومثله وقيمه وأهدافه
v     ضرورة بناء الشباب المصرى روحيا وتربويا وثقافيا بالقدر الذى يحقق الشخصي الناضجة للفرد المصرى
v     أهمية دور الشباب فى الأنشطة المتنوعة لقضايا خدمات البيئة وباقي القضايا الهامة
11)     التنمية الشعبية :
        ** يرى الحزب أن للتنمية الشعبية محورين متلازمين يشكلان وجهين لعملة واحدة وهما :
              أ‌-   المحور المادى ( التنمية الاقتصادية شعبيا ) وتستهدف مضاعفة دخول الدولة والأفراد و يمكن إجمالها فى :
v     جعل القرية وحدة منتجة بتوفير المشروعات بها
v     إقامة المشروعات البيئية للتصنيع المحلى
v     استغلال الإمكانات المعطلة والمتروكة
v     دعم الثروة الخضراء شعبيا 
            ب‌-  المحور المعنوى ( مشروعات الخدمات ) :
ومن خلالها يصبح الحزب خادما للجماهير ، وتستهدف بناء الإنسان المصرى بناءا جديدا ، ومن ثم فهى تمثل التنمية الأخلاقية .

§        حزب الوفد الجديد :
أعلن قيامه فى نوفمبر سنة 1977م برئاسة " فؤاد سراج الدين " ولكن جمد نشاطه فى أواخر عهد السادات ثم عاد نشاطه عام 1984م بناء على حكم قضائى . وخاض انتخابات مايو 1984م وحصل على نسبة 8% من أصوات الناخبين المشترطة لدخول الحزب فى البرلمان . وحصل خلال هذه الانتخابات على 57 مقعدا من بينها مقعد للمرأة .  وتم تشكيل اللجان الفرعية للحزب فى أواخر سنة 1984م حيث اختير رؤساء اللجان النوعية للحزب . وخلال سنة 1985م تمت عملية تشكيل اللجان واختيار أعضائها وإضافة أعضاء جدد ، كما تم تعيين اللجان القيادية للحزب على مستوى المحافظات . ويصدر الحزب جريدة الوفد اليومية والتى لعبت دورا رئيسيا فى الترويج لأفكار الحزب ، والتعريف بالتوجهات العامة لبرنامجه الإنتخابى وخاصة خلال إبريل سنة 1987م . كما شارك فى انتخابات مجلس الشعب عام 1995 وحصل على ستة مقاعد .
** من أهم ملامح برنامجه :ـ
ý     يركز برنامج الحزب على :
1)     الاهتمام بدعم الحقوق العامة وعلى رأسها الحرية الشخصية ، وحرية التعبير عن الرأى
2)     تعديل بعض أحكام الدستور الحالى لتحقيق اكبر قدر من التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية
3)     أن يتم اختيار نائب رئيس الجمهورية بالاقتراع العام المباشر عن طريق الشعب
4)     وجوب إلغاء القيود الواردة فى القانون ( 40 ) لسنة 1977م وتعديلاته بشأن تنظيم الأحزاب
5)  تعديل قانون السلطة القضائية بما يكفل لها المزيد من الحرية والدعم وضرورة إلغاء نظام المدعى العام الإشتراكى ، وان تشكل المحكمة الدستورية العليا من بين رؤساء الهيئات القضائية بحكم مناصبهم ، وتعديل نص المادة ( 84 ) الخاصة بهيئة الشرطة لتكون رئاستها لوزير الداخلية .
6)     منح مجلس الشعب سلطة كاملة فى شأن الموازنة العامة .
7)     رفض نظام الانتخابات بالقائمة المطلقة أو النسبية ، ومنح سلطات تشريعية لمجلس الشورى .
ý     السياسة الخارجية : واهم ما جاء فيها :
1)     المحافظة على علاقات متوازنة بين مصر وكل من روسيا وأمريكا
2)     العمل على زيادة الروابط بين مصر والسودان على المستويين الشعبى والرسمى
3)  ضرورة الاستفادة الكاملة من الخدمات والنشاطات الاقتصادية والاجتماعية وغيرها التى يقدمها المجلس الاقتصادى والإجتماعى التابع للأمم المتحدة .
4)     ضرورة عودة إسرائيل إلى حدود ما قبل 5يونيو سنة 1967م وتأييد الفلسطينيين فى حل قضيتهم
ý     السياسة الاقتصادية والمالية : واهم ما جاء فيها :
1)     ضرورة فرض الضرائب على كل دخل مهما كان نوعه أو مصدرة مع إعفاء الدخول التى تقل عن حد معين منها
2)     تحرير التجارة الداخلية وسعر صرف الأجنبي من القيود إلا ما كان منها ضروريا لحماية الصناعة الوطنية
3)     ضغط الواردات وتنشيط الصادرات
ý     القطاع العام والخاص : واهم ما جاء فيه "
1)     تركيز أنشطة القطاع العام على الأعمال والمشروعات الكبرى التى لا غنى للاقتصاد القومى عنها
2)     ضرورة الرقابة على القطاع العام
3)     تشجيع القطاع الخاص وتخفيف القيود المفروضة عليه 
ý     الشباب والمرأة : واهم ما جاء فيه:
1)  إعادة تنظيم أجهزة الشباب والرياضة بحيث تجمعها وزارة واحدة تقوم بتخطيط كافة الأنشطة الخاصة برعاية الشباب وتنفيذها ومتابعتها
2)     إصدار قانون الأحوال الشخصية فى نطاق أحكام الشريعة السمحاء دعما للأسرة وحماية لحقوق المرأة
3)     مضاعفة الجهود لتنظيم الأسرة وضبط النسل
4)     التوسع فى إنشاء دور الحضانة وتعميمها فى جميع البلاد  
ý     الأزهر الشريف : وما يجب الاهتمام به فى هذا المجال ما يلى :
1)     وجوب عودة الأزهر الشريف إلى سيرته الأولى كجامعة إسلامية والنهوض به وتعديل أساليب الدراسة فيه
2)     إعادة تكوين هيئة كبار العلماء بالأوضاع التى كانت قائمه سابقا وفقا للنصوص التى كانت تحكم هذه الهيئة الموقرة
§        حزب التجمع التقدمى الوحدوي :
** أنشئ فى البداية كمنبر ثم كتنظيم عندما وافقت اللجنة المركزية ومجلس الشعب على إقامة التنظيمات الثلاثة فى 29 مارس 1976م ، وفى 10 إبريل سنة 1976م انعقدت الهيئة التأسيسية الأولى للتنظيم وحضرها 132 عضوا وانتخبت أول سكرتارية عامة من 29 عضوا وفى 12 أغسطس سنة 1976م اعقدت الهيئة التأسيسية للتنظيم وأقرت خالد محيى رئيسا للحزب واتخذت عدة قرارات إنشاء جناح شبابى وآخر نسائى للتنظيم
وفى 30 ديسمبر سنة 1976 انعقدت الهيئة التأسيسية الثالثة بمناسبة قرار السادات تحويل التنظيمات إلى أحزاب وانتهت إلى الموافقة على تحويل التنظيم إلى حزب سياسى وعقب اندلاع 18 و19 يناير سنة 1977م اتهم حزب التجمع بإشعالها مما أدى إلى محاصرة نشاطه الحزبى بواسطة السلطات الحكومية جنبا إلى جنب مع محاكمة عناصر سياسية يسارية خارج الحزب وداخله .
وفى أول فبراير 1978م اصدر الحزب صحيفة الأهالي وبعد صدور قانون السلام الإجتماعى عقدت السكرتارية العامة للحزب اجتماع طارئ فى أربعة يونيو 1978م قررت فيه الهيئة التأسيسية إلى اجتماع طارئ  فى 11 يونيو 1978م وقررت فيه :
1)     الامتناع عن النشاط السياسى الجماهيرى فى ظل القانون
2)     يقتصر عمل الحزب على العمل الداخلى فى المقار
3)     توقف جريدة الأهالي عن الصدور اعتبارا من الأربعاء 14 يونيو 1978
4)     إيقاف قبول أي عضوية جديدة فى ظل القانون
وقد خاض الحزب انتخابات مجلس الشعب سنة 1984م فى ظل قانون إنتخابى جديد وحصل على 214الف صوت فقط ولم يمكنه التمثيل بالمجلس لعدم حصوله على نسبة 8% من أصوات الناخبين المشتركة لتمثيل الحزب بالبرلمان وعقد الحزب مؤتمره العام فى 10 ،11 إبريل سنة 1980 وتم فيه إقرار البرنامج السياسى العام للحزب واللائحة الداخلية واتخذ قرارا بإنشاء الجناح النسائى للحزب واعتبر اتحاد الشباب التقدمى هو القطاع المسئول عن الشباب وانتخبت أعضاء اللجنة المركزية للحزب ( 203 أعضاء ) بالإضافة إلى 32 عضوا احتياطيا كما انتخب المؤتمر خالد محيى أمينا عاما للحزب واقر برنامج الحزب كما يلى :
1)     القضية الوطنية : واهم ما جاء فيها :
v     تحرير الإدارة المصرية من الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية وتصفية الوجود العسكرى الأمريكي فى مصر
v     تحرير الأراضي المصرية المحتلة ورفض أي انتقاص للسيادة المصرية على أراضيها
v     الحيلولة دون امتداد الصلح المنفرد إلى باقى أجزاء الوطن العربى
v     توفير الشروط الضرورية للممارسة الشعب العربى فى كل بلد لحقوقه وحرياته
v     التأييد الشامل لنضال الشعب الفلسطيني   
2)     القضية القومية : واهم ما جاء فيها :
v     العمل على صون الاستقلال الوطنى وإنجاز تحول ديمقراطى شامل
v     رفع شعار مؤتمر دولي فى نطاق الأمم المتحدة للوصول إلى تسوية عادلة للنزاع العربى الإسرائيلي
3)     القضية الاقتصادية : واهم ما جاء فيها :
v  الاعتماد قبل كل شئ على النفس وتعبئة كل الموارد الذاتية والقومية سواء المادية او البشرية واستثمار كل طاقات الشعب الحضارية
v     الحفاظ على الدور الأساسي لقطاع الرأسمالية الوطنية وتشجيعه على الاستثمار فى شتى المجالات
v     التأكيد على الدور القيادي للقطاع العام
v     العودة لأسلوب التخطيط العلمى الشامل 
4)     القضية الاجتماعية : واهم ما جاء فيها :
v     اختيار شيخ الأزهر بالانتخاب من بين هيئة كبار العلماء واختيار تلك الهيئة بالانتخاب من بين كبار العلماء
v     توحيد جهاز الدعوة فى الأوقاف والأزهر والاهتمام برفع مستوى الدعاة ماديا وأدبيا وفكريا
v     زيادة الاهتمام بالمرأة والمساواة بينها وبين الرجل فى كافة الحقوق
v     الاهتمام بالشباب وتطوير وتطعيم الأندية والمشروعات الوطنية 
5)     القضية الديموقراطية : واهم ما جاء فيها :
v  بحث إقامة جمهورية ديمقراطية نيابية تقوم على انتخاب رئيس الجمهورية انتخابا مباشرا من بين اكثر من مرشح ، والفصل بين منصب رئيس الجمهورية والسلطة التنفيذية على أن يتحمل مجلس الوزراء المسئولية كاملة أمام مجلس الشعب
v  حق كل القوى السياسية فى إقامة أحزابها المستقلة دون شروط فيما عدا تلك التى تقوم على التمييز العنصرى أو الإرهاب المسلح
v  تكوين مجلس الشعب بانتخابات تجرى باتباع الانتخابات بالقائمة وإعادة النظر فى قانون الانتخابات وتخفيض سن الترشيح إلى 21 سنة
v  إجراء إصلاح دستورى وبصفة خاصة للمادتين 74، 75 الخاصتين بإصدار القوانين الاستثنائية والاستفتاء الشعبى عليها دون الرجوع إلى مجلس الشعب والحرص على صون النصوص الدستورية والتى تتناول الحقوق المكتسبة للعمال والفلاحين
v     تحيل الحكم المحلى إلى حكم شعبى وتشكيل جميع الهيئات المحلية بالانتخاب العام
v     فرض عقوبات رادعة على كل من يضرب مواطنا ومنع الأمر بالتعذيب سواء كان بدنيا أو نفسيا
v     إلغاء كافة القوانين المقيدة للحريات
v     حظر عقوبة الإعدام فى الجرائم السياسية .
********************************
الحياة الحزبية فيما بعد  ثورة 25 يناير  : لم تتشكل بعد من  كانت المؤشرات ذات دلالات ارتدادتة الى ماقبل ثورة 1952 حيث فساد الاحزاب والصراع السياسي على السلطة والمال وغياب العدالة الاجتماعية والدور الايجابي للفقراء في الحياة السياسية
ِانتهـــــــى
مع اطيب الامانــى



[1]- محمد رجب احمد ، مرجع سابق ، ص 65
[2] -  عادل مختار الهوارى ( الوعى السياسى فى المجتمع المصرى – دراسة تحليلية لانتخابات مايو 1984م ) الإسكندرية – دار المعرفة الجامعية – 1984م ، ص 32:15
[3] - محمد رجب احمد ، مرجع سابق ، ص 91:77

 -[4]عادل مختار الهوارى ، مرجع سابق ، ص 68:59

[5]- مصطفى كامل السيد / بمشاركة : كمال المنوفى وآخرون ( حقيقة التعددية السياسية فى مصر ) مكتبة مدبولى  ، القاهرة ، 1996م ،ص 87:70

[6]- محمد رجب احمد ، مرجع سابق ، ص 77:68

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق