الثلاثاء، 6 سبتمبر 2011

مستقبل مصر بعد اعادة اكتشاف المجتمع المصري نفسة بعد ثورة 25 يناير

أن مصر لديها الكثير من القدرات والإمكانيات والموارد الطبيعية غير المستغلة وغير المدارة بشكل جيد مما يجعل من قدراتها الحالية لا تسمح بالوفاء بكافة حقوق كافة المواطنين الاقتصادية والاجتماعية فلم تزل مصر تعيش في مرحلة معالجة آثار الاستعمار القديم وتعمل على تدعيم استقلالها السياسي والاقتصادي خلال الخمسة وخمسون سنة الماضية إلا وأن تفاجئ بموجة الاستعمار الجديد من هيمنة الغرب ومحاولة فرض برامج للإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي ترسخ التبعية الاقتصادية والثقافية وأيضا السياسة عن طريق فرض نظام اقتصادي وسياسي هو الليبرالية الاقتصادية والسياسية مما يجعل مصر تقع تحت عباءة وسيطرة الغرب والولايات المتحدة ويتم ذلك عن طريق التدخل فى الشئون الداخلية للدول للإتيان بأشكال للحكم تتسق وطبيعة النمو الاقتصادي الرأسمالي وآليات السوق عن طريق تدعيم نفوذ بعض مؤسسات المجتمع المدني بحجة ضرورة وجود نوع من اللامركزية تسمح بالمشاركة في جهود التنمية ثم بعد ذلك وبعد تحقيق مكاسب شعبية تقوم بتغيير نظام الحكم بقوة الضغط الشعبي الذي تسيطر عليه هذه المنظمات أو عن طريق التدخل المباشر كما في العراق او بدعم الانقلابات السياسية كما في قزغستان والأكوادور أو بالمحاصرة الاقتصادية والسياسية كما في كوبا وإيران وكوريا الشمالية وليبيا وفنزويلا. بالإضافة إلى ما سبق فان هناك مصاعب كثيرة تواجه مسيرة التنمية في مصريتعين استمرار مواجهتها كقلة الموارد وتزايد السكان وتوالى الضغوط الاجتماعية الداخلية والتوترات في العلاقات الدولية وذلك كله يؤدى إلى تعطيل مصر من تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية .
ووفقا لذلك فان التنمية ينبغي النظر إليها على أنها تنمية الإنسان والمجتمع بكل أبعاده ومستوياته ومن مختلف زواياه، ومن خلال الاعتماد بصورة أساسية على الممكن والمتاح من قدراته الذاتية، وبتوظيفها التوظيف الأمثل المؤدي إلى تنميتها وتطويرها وإحسان الاستفادة منها، وذلك بغية تحقيق أهداف هذا الإنسان والمجتمع الذاتية النابعة من هويته وخصوصيته والتي تمثل طموحه ونموذجه الحياتي المتغذي من روافده التاريخية والحضارية والثقافية القادر على تحسين نوعية الحياة لأفراد هذا المجتمع وعلى تحقيق ما يمكن أن يطلق عليه المجتمع المستنير المتوهج المنطوي على ذاته المنفتح على غيره القادر على التغيير دون التغير المؤثر غير المتأثر بالتحولات والتقلبات العالمية والإقليمية الذي هو مجتمع يؤمن بالوسطية ولكن المجتمع المصري فى سبيله لتحقيق هذه الوسطية قد ينحرفا يمينا أو يسارا نحو الغرب او الشرق نتيجة لعدم تحديده للمعايير المجتمعية الحاكمة للنسق القيمي النابع من روافده التاريخية والحضارية والثقافية المترسبة فيه على مر العصور ذات صبغة ذاتية متفردة عن غيرها ولذلك يجب على المجتمع المصري ان يعيد اكتشاف نفسة من جديد من خلال مشروع حضاري يأخذ في الاعتبار القيام بالتنمية من منظور كونها عملية مجتمعية شاملة متوازنة ، وفي نفس الوقت واعية بمنطلقاتها وأهدافها ووجهتها المستقبلية على خلفية واقعها الراهن وتاريخها الممتد وانطلاقا من ذلك يمكن تحديد الكيفية التي يمكن من خلالها تحقيق التنمية في العناصر التالية
(1)   التأكيد على أن التنمية هي تنمية الإنسان والمجتمع بكل أبعاده ومستوياته ومن مختلف زواياه، ومن خلال الاعتماد بصورة أساسية على الممكن والمتاح من قدراته الذاتية، وبتوظيفها التوظيف الأمثل المؤدي إلى تنميتها وتطويرها وإحسان الاستفادة منها، وذلك بغية تحقيق أهداف هذا الإنسان والمجتمع الذاتية النابعة من هويته وخصوصيته والتي تمثل طموحه ونموذجه الحياتي القادر على تحقيق ما يمكن أن يطلق عليه "الحياة الطيبة" التي هي وسط بين الترف والعوز والفاقة.
(2)   تحديد نموذج التنمية المنشود ووجهة المجتمع حيث أن لكل مجتمع بشري وجهة هو موليها، هذه الوجهة هي بؤرة تستقطب طاقاته وجهوده وتستلهم روحه وتدفع إبداعاته وتفجرها، وكثيراً ما تظهر هذه الوجهة في صورة مشروع قومي، أو مشروع حضاري كفكرة القومية في الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين . والتحديد الدقيق لهذا النموذج يستلزم تحديد الصورة التي ينبغي أن يكون عليها المجتمع فلا يجب أن تكون تنمية اقتصادية على حساب التنمية الاجتماعية والسياسية والثقافية والعكس بالعكس، بل لا بد من النظر إلى المجتمع والإنسان ككل متكامل غير قابل للتجزئة أو التفكيك. كذلك فلا يجب التركيز على أحد القطاعات دون الأخرى كالتركيز مثلاً على القطاع الصناعي على حساب الزراعي، أو التركيز على قطاع التعليم الجامعي على حساب التعليم الأساسي،أو التركيز على إصلاح المؤسسة التشريعية مع تجاهل إصلاح المؤسسة التنفيذية... الخ. وفي نفس الوقت لا بد من تحقيق التوازن على المستوى الرأسي للمجتمع كالعلاقة بين الريف والحضر وبين الطبقات والجماعات العرقية والدينية.
(3)   إعادة التوازن بين الدولة والمجتمع :ـ  وهنا نجد أن تحقيق التنمية يستلزم إلى جانب تحقيق الاستقلال والتوازن في العلاقة مع العالم الخارجي تحقيق الاستقلال والتوازن في علاقة الدولة بالمجتمع بحيث لا يطغى أحدهما على حساب الآخر. وفي نفس الوقت تحقيق الاستقلال والتوازن بين قوى المجتمع المدني والمجتمع بصورة عامة بحيث لا يطغى أحدها على الآخر ويدعي تمثيل مصلحة المجتمع واحتكار التعبير عنها.  وأخيرًا..تحقيق الاستقلال والتوازن في علاقة الفرد مع المجتمع أو مؤسسات المجتمع المدني بحيث يظل الإنسان طرفاً مستقلاً في هذه العلاقة لا موضوعا لها. وعند هذا المستوى تكون الاستقلالية في التنمية قد تحققت ويكون النموذج التنموي متوازناً.
وبناءا على ذلك يمكن القول أن المحددات العامة لاستراتيجيات التنمية في مصر كانت تنطلق من المعطيات العامة لسياسات التنمية لأحد النموذجين سواء النموذج الرأسمالي أو الاشتراكي للتنمية والتي يمكن القول أنها كانت تقع على متصل يوجد على طرفيه احد النموذجين ( سياسات التنمية وفقا للنموذج الرأسمالي/سياسات التنمية وفقا للنموذج الاشتراكي )وهذا المتصل يشير إلى نوع من التدرج القائم بين سياسات الدول في درجة الاتجاه نحو الرأسمالية والاشتراكية بحيث يصبح من اليسير بعد ذلك أن تقع سياسة أي دولة على نقطة معينة من هذا المتصل وان كانت الدول عند نقطة معينة سوف تتجه إلى نقطة تقع في منتصف المتصل وهى نقطة الاتقاء أي هى النقطة التي عندها تلتقي سياسات الدول مع بعضها سواء الرأسمالية أو الاشتراكية دون أن تتعارض هذه السياسات فيما بينها وعندما تصل هذه السياسات إلى هذه النقطة سوف تتوافق فيما بينها على سياسة جديدة ذات أهداف جامعة تتوافق مع مبادئ الحرية المقننة بنظام عام يحدد أطرها والمساواة والعدالة الاجتماعية وهذه السياسة الوسطية والتي تراعى مصالح الفرد تراعى ايضا مصالح المجتمع وجماعية الحكم وفقا لأسس وضعية شاملة لا يختلف وهذه الأسس قد جاء بها الإسلام منذ أكثر من الألف وأربعمائة وسبع وعشرون عاما وذلك في قوله تعالى " كَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً "    ا لبقرة143 . وأيضا في قوله تعالى {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } المائدة48
وكذلك في قوله تعالى {لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُّسْتَقِيمٍ }الحج67 .وهذه السياسات الجديدة ترتكز على العناصر التالية :ـ
1)    أن التنمية لابد أن تكون بواسطة الناس عن طريق تعميم مشاركتهم في اتخاذ القرارات و زيادة الحرية السياسية والاقتصادية والاجتماعية وذلك بضمان حقوق الإنسان في الخلق والإبداع واحترام الذات وفى إبداء الرأي والمشاركة الإيجابية في التعبير عن مصالحهم العامة التي تمس حياتهم ومستقبلهم عند اتخاذ القرارات إلى تمس مصلحة أغلبية الشعب دون أن يتعارض ذلك مع حق كافة فئات وطبقات الشعب في التعبير عن مصالحهم دون المساس بحقوق الآخرين في المشاركة وفى اتخاذ القرارات التنموية .
2)    انه من حق كل فرد من أفراد الشعب أن يقيم مشروعات خاصة تدر له الربح وان يدير مصالحة ويعبر عنها وذلك وفقا لإطار أو نسق عام للنظام يسيطر على الأفراد والقطاعات المختلفة للمجتمع وفقا للضوابط العامة التي حددتها كافة فئات وطبقات المجتمع وارتضتها سواء عن طريق أفرادها أو عن طريق ممثلين لها . على أن يكون للدولة دور جوهري في إدارة مشرعات التنمية وفى إقامة مشرعات قومية ذات طابع صناعي وانتاجى تغطى كافة احتياجات المجتمع وذات عائد عالي يعود للمجتمع على هيئة خدمات اجتماعية وصحية وتأهيلية وغيرها من الخدمات التي تغطى كافة حاجات الأفراد وخياراتهم دون أن تمس هذه المشروعات المصالح الخاصة لأفراد المجتمع ومشروعاتهم ذات الطابع الاستهلاكي والترفيهي ..........
وبصفة عامة فان فكرة المتصل الراسمالى – الاشتراكي تستند من الناحية النظرية على افتراضين أساسيين الأول : هو أن سياسات الدول تتدرج بشكل مستمر ومنتظم نحو نقطة التعادل والتي لا تميل إلى التطرف نحو الرأسمالية أو الاشتراكية وذلك وفقا لعدد من الأهداف التي تحقق المنفعة العامة والتي يمثلها النظام العام والمنفعة الخاصة التي يمثلها الأفراد . الثاني : أن هذا التدرج نحو نقطة التعادل بين طرفي المتصل يحقق توافق في السياسات رغم اختلاف اتجاهات وأشكال التخطيط وإجراءات تنفيذ هذه السياسات .
وعلى ذلك يتضح أن تدرج سياسات التنمية لمصر نحو نقطة التعادل أو النقطة التوفيقية بين المفهوم الرأسمالي للتنمية والمفهوم الاشتراكي سينتج عنه تنوع وتعدد أنواع التخطيط والإجراءات والآليات المنوط لها تنفيذ سياسات التنمية وعموما فلإحداث تغير حقيقي على اتجاهات التخطيط للتنمية في مصر فلابد من الأخذ في الاعتبار العناصر التالية :
1)    أن التنمية ما هي إلا نتاج أيديولوجي أولا وأخيرا يخدم عن وعى أو من غير وعى مؤسسي                    من يتبنى تلك الأيديولوجيات من الأنظمة الحاكمة والتي تخدم أهدافهم أو مصالحهم وأغراضهم وللتغلب على ذلك لابد من وضع سياسات مانعه ذات مرجعية شعبية وأسس دستورية قوية لا تتغير بتغير الأفراد او الأنظمة
2)    أن تصور مفهوم التنمية يختلف في علاقة المجتمعات العالمية سواء الرأسمالية أو الاشتراكية بالمجتمعات المختلفة التي تهدف إلى تحقيق التنمية وذلك بحكم أن هذه العلاقة لها تأثيرها على توازن العلاقات السياسية الدولية والتوازن الدولي ولذلك لابد أن تنطق مصر من بوابة الهوية المصرية في تحديد العلاقات الدولية والسياسات الخارجية التي تخدم المصلحة الجماعية دون المساس باستقلالية الدولة وتفردها الحضاري
3)    أن التنمية لا تشير إلى عملية نمو تلقائية وإنما إلى عملية تغيير مقصود تقوم بها سياسات محددة نابعة من المجتمع ذاته وتعبر عن هويته وخصوصيته و تمثل طموحه ونموذجه الحياتي وتشرف على تنفيذها هيئات قومية مسئولة تعاونها هيئات على المستوى المحلى تستهدف إدخال نظم جديدة أو خلق قوى اجتماعية جديدة مكان القوى الاجتماعية الموجودة بالفعل وتهيئة الظروف المتعددة لهذا التغير الاجتماعي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق