الثلاثاء، 6 سبتمبر 2011

مستقبل مصر يتم من خلال تنشئة سياسية حقيقية لها دور فعال في تشكيل الـرأى العــــــام الواعي بالامن القومي المصري

إن جميع المجتمعات الإنسانية تعتمد فى تماسكها وتطورها على ما يتوفر لديها من فهم مشترك للقيم والعادات والتقاليد التى تسود المجتمع والتى تطبع سلوك أعضاء المجتمع بطابع معين يميزه عن سلوك أعضاء المجتمعات الأخرى . وهى كذلك توحد بين مشاعر واتجاهات أعضاء المجتمع نحو تحقيق أهداف معينة . وقد لا يختلف ذلك كثيرا عما تتضمنه فكرة الثقافة . ولا يتأتى للإنسان ان يصل إلى هذا الفهم المشترك بمجرد ولادته ولكنه يصل إلية عن طريق عملية طويلة وممتدة منذ الولادة وحتى يحتل مكانه ويشغل دورا معينا فى نظام إجتماعى معين .فالعملية تقترب من الاكتساب اكثر منها أي شئ آخر أي تأتى بوساطة ما يسميه علماء الاجتماع بالتنشئة الاجتماعية ، وهى تعنى ان الأفراد يكتسبون من خلال عملية التنشئة هذه المعارف والمهارات والخبرات والقدرات التى تمكنهم من المشاركة كأعضاء فعالين فى مجتمعاتهم . وتعتبر مرحلة الطفولة هى الفترة الحاسمة فى حياة الإنسان حيث يبدأ الطفل فى اكتساب الخبرات من واقع الحياة الاجتماعية أو من الوسط الإجتماعى الذى يحيا فيه .  ولكن عملية التنشئة تتخذ فى الواقع مضمونا فرديا أو شخصيا اكثر منه عاما فالمضمون العام يظهر واضحا فيما نسميه بالتنشئة السياسية حيث يتم من خلال هذه العملية تحويل الدوافع الخاصة والشخصية إلى اهتمامات عامة .
وعملية التنشئة تهدف من الناحية الاجتماعية إلى تكييف الأفراد مع البناء المعياري للمجتمع فهى من هذه الناحية عملية تدريب للفرد على المشاركة الاجتماعية بكافة صورها ومن أهم هذه الصور التعبير عن رأى الفرد اتجاه القضايا المجتمعية التى تمس مصالحة ومصالح الجماعة التى ينتمى إليها ، ولذلك فإن عملية التنشئة الاجتماعية تقوم بدور تدريبى هام فى تشكيل سلوك الفرد وفقا لاهتمامات المجتمع وعلى هذا فان وجهة النظر هذه تركز على مراكز معينة للتنشئة كالآسرة والمدرسة وجماعة النظراء والمصنع إلى آخر ما يمكن ان يندرج تحت مثل هذه الجماعات حيث يفترض التواجد فى مثل هذه الجماعات نوعا من الصراع والتغير ينتج عنه تشكيل رأى عام يعبر عن مصالح كل جماعة من جماعة المجتمع التى ينتمى إليها الفرد والتى تعبر عن مصالحة وعن مصالح هذه الجماعة مما سبق يضح أهمية التنشئة الاجتماعية اتجاه تشكيل اتجاهات الفرد نحو التعبير عن مصالحة ومصالح الجماعة التى ينتمى إليها بمعنى تشكيل رأيا عاما اتجاه القضايا العامة التى تمس مصالح الفرد والجماعى التى ينتمى إليها ووفقا لذلك فان الرأى العام هو عبارة عن أراء وأفكار وتوجيهات ناتجة عن وعى الشعب بالقضايا والموضوعات التى تمس مصالحهم مسا مباشرا وهذا الوعى لا يتم إلا عن طريق التنشئة السياسية للفرد والتى ترسخ عندة المفاهيم العامة التى من خلالها يمكن ان يحكم على طبيعة الأشياء . ووفقا لذلك تثار عدة تساؤلات وهى :
1)    كيف يتشكل الرأى الوعى الإجتماعى والسياسى عند أفراد الشعب بالقضايا والموضوعات التى تمس مصالحه
2)    هل يمكن تكوين رأى عام يتسم بالوعى بدون تنشئة اجتماعية وسياسية سليمة لأفراد الشعب
3)  هل يعتبر تعبير أفراد الشعب عن آرائهم اتجاه القضايا المجتمعية والقومية التى تمس حياتهم ومصالحهم هى نوع من المشاركة السياسية لأفراد الشعب فى تكوين السياسات والتوجهات العامة للدولة والحاكم
هذه الأسئلة تقوم على افتراض اساسى وهو ان طبيعة النظام الديموقراطى السائد يحدد الدور الذى يلعبة الرأى العام فان هذه الطبيعة تحدد أيضا مدى وجود تنظيمات سياسية شعبية تقوم بمثابة التعبير عن الرأى العام وتساندة وتغذى قراراته وتحافظ على مصلحته وتعمل جاهدة على تحقيقها وهذه التنظيمات السياسية الشعبية تكون بمثابة جماعة ضغط تعبر عن الرأى العام وتعطيه قوة الدفع الأزمة لتولى الشعب زمام الأمور فى المجتمع وهذه التنظيمات السياسية والشعبية تعد اكبر دليل فى حالة تواجدها فى أي مجتمع على وجود الديموقراطية حيث يزداد دور الرأى العام بالاستعانة بهذه التنظيمات للتعبير عن وجهات نظر والاتجاهات السياسية ومن أمثلة هذه التنظيمات السياسية الشعبية يذكر الفقهاء الأحزاب السياسية النقابات الجمعيات ...... ثم جماعات الضغط المعاونة .
أن حدوث تحسن فى نوعية حياة المصريين الاجتماعية والسياسية  يعتمد على إحداث تغييرات هيكلية وثقافية لتقوية ثقافة المشاركة والديموقراطية واللامركزية فى المؤسسات القائمة واعطاء دورا اكبر لمؤسسات المجتمع المدن من أحزاب وجمعيات فى اعداد افراد المجتمع فى التعبير عن رارائهم بحرية تامه وبصفة عامة يرجع ضعف الإنجاز فى مجالات التنشئة الاجتماعية و تكوين راى عام واعى  لمجموعتين هما :
q   المجموعة الأولى : هى العوامل التاريخية التى رسخت وضعا بيروقراطيا هرميا غير مستجيب وبالرغم من وجود العديد من برامج التغيير المؤسسى يتم تنفيذها بواسطة الحكومة لزيادة اللامركزية ولجعل البيروقراطية والحكومة اكثر مرونة وبدأ الحكومة فى تنفيذ نظام التخطيط بالمشاركة وافساح مجال اكبر لقوى السياسية فى التعبير عن ارائها إلا أن هذا كله لا يمثل تقدما نحو مزيدا من الحرية فى التعبير وفى إنشاء مؤسسات المجتمع المدنى التى تقدم الخدمات  للشعب وتعبر عن اراء ومصالح جماعات الشعب المختلفة والتى تنوب عن الشعب  فى المشاركة فى التأثير فى عمليات صنع القرارات المؤثرة فى حياتهم من اجل تحسين أوضاعهم لأنه لا يمكن إحداث هذا والحكومة مازالت تعمل ووفقا لقوانين ودستور مازال يتخذ من التسلطية السياسية وعلى ذلك فإن الأمر يتطلب إصلاح شامل فى هياكل الدولة ومؤسساتها وقوانينها وليس الاكتفاء بالتغيير الشكلي الذى يسمح بمزيد من الحريات المقيدة بالوصاية الأبوية من جانب الحكومة .
q   المجموعة الثانية : عوامل ثقافية تؤدى إلى عدم الاستجابة لتغيير الأوضاع وبالرغم من وجود العديد اللقاءات يتم تنفيذها بواسطة الحكومة لتعميق مفاهيم المشاركة بين الشعب وممثليهم والحكومة فإن ذلك لا يمثل أي تقدم حقيقى لأن ثقافة المشاركة لابد وان تبدأ من خلال التنشئة السياسية والاجتماعية من خلال جميع المؤسسات الحكومية من مدارس و نوادى واحزاب  وغير ذلك وذلك بالتلازم مع إحداث تغيير شامل فى المناهج والقوانين المركزية التى تدعوا إلى التبعية للسلطة وأفكارها الأيديولوجية وليست إلى التبعية القومية والوطنية النابعة من الشعب ذاته بثقافاته المختلفة والتى توارثها من  تراث حضاري كبير على مر العصور والأزمان .
وختاما فانه اذا أردنا إحداث التغيير الذى يساعد على إيجاد قدر من الحرية والمشاركة من جانب الشعب بكافة فئاته فلابد من التخلص من الأيديولوجيات العقيمة والمستوردة سواء الشمولية أو الليبرالية والاتجاه إلى إحداث تغيير من خلال الشعب ذاته ومن خلال ثقافاته وذلك بتدعيم الإيجابيات الموجودة فيه والبناء عليها ومعالجة القصور وتحويلها إلى إيجابيات تخدم الشعب وذلك من خلال إعطاء قدر اكبر للشعب فى اتخاذ القرارات التى تحص حياته ومستقبل الأجيال القادمة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق